يكون هو العلم الذي يحل القلوب، فإن كان الأول فهو يرجع إلى معنى المال ويصحح أن الأنبياء عليهم السلام يورثون أموالهم وما في معناها، وإن كان الثاني لم يخل هذا العلم من أن يكون هو العلم الذي بعث النبي صلوات الله عليه بنشره وأدائه، أو أن يكون علما مخصوصا لا يتعلق بالشريعة ولا يجب اطلاع جميع الأمة عليه كعلم العواقب وما يجري في المستقبل من الأوقات وما جرى مجرى ذلك والقسم الأول لا يجوز على النبي صلى الله عليه وآله أن يخاف من وصوله إلى بني عمه وهم من جملة أمته الذين بعث إلى أن يطلعهم (١) على ذلك ويؤديه إليهم وكأنه على هذا الوجه يخاف مما هو الغرض في بعثته.
والقسم الثاني فاسد أيضا لأن هذا العلم المخصوص إنما يستفاد من جهته ويوقف عليه باطلاعه وإعلامه، وليس هو مما يجب نشره في جميع الناس فقد كان يجب إذا خاف من إلقائه إلى بعض الناس فسادا أن لا يلقيه إليه فإن ذلك في يده ولا يحتاج إلى أكثر من ذلك. ومما يدل على أن الأنبياء عليهم السلام يورثون قوله تعالى: ﴿وورث سليمان داود﴾ (2) والظاهر من إطلاق لفظ الميراث يقتضي الأموال وما في معناها على ما دللنا عليه (3) من قبل، ويدل أيضا على ذلك قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (4) الآية وقد أجمعت الأمة على عموم هذه اللفظة إلا من أخرجه الدليل فيجب أن يتمسك بعمومها لمكان هذه الدلالة، ولا يخرج عن حكمها إلا من أخرجه دليل قاطع فأما تعلق