الله صلى الله عليه وسلم عشرة أولاد كعبد الرحمن بن الحارث بن هشام (1) على إنه قد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك اليوم أنه قال: (وددت أنني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة) فلو كان تمنى الموت دليل التوبة لوجب أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام مقلعا به عن قبيح، وقد خبر الله تعالى عن مريم عليها السلام أنها قالت: (يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) (2) ومعلوم أن ذلك لم يكن منها على سبيل التوبة من قبيح، وأنها خافت الضرر العاجل بالتهمة.
فأما أمير المؤمنين عليه السلام فمعنى كلامه إن صحت الرواية أنه كان صلوات الله وسلامه عليه محزونا بقتل شيعته وأصحابه، وفقد أنصاره والمخلصين في ولايته، وبوقوع الفتنة في الجمهور، ودخول الشبهة على كثير من أهل الاسلام، حتى أداهم إلى الاختلاف والتحارب الذي يشمت الأعداء، ويسوء الأولياء، وكيف تكون عائشة تائبة نادمة، ولم ينقل عنها مع امتداد الزمان بها شئ من ألفاظ التوبة المختصة بها، ولا صرحت في وقت من الأوقات بأني نادمة على ما كان مني من حرب الإمام العادل، وخلع طاعته وقتل شيعته، ورميه بدم عثمان وهو برئ منه، وعالمة بقبح جميع ذلك، وعازمة على ترك معاودة أمثاله، أو معنى هذه الألفاظ، وكيف عدلت عن هذا كله إلى تمني الموت وقولها: يا ليتني كنت شجرة أو مدرة، وما فيه شئ يختص التوبة من لفظ ولا معنى، وهو محتمل على ما ذكرناه.
فأما ما رواه عن أبي جعفر عليه السلام من الاستغفار لها من بعيد