الرواية عن الحق، وبإزاء هذا الخبر ما لا يحصى كثرة عن أبي جعفر وآبائه وأبنائه عليهم السلام مما يتضمن خلاف الاستغفار، ويقتضي غاية الاصرار مما لم تذكره استغناء عن ذكره لشهرته في أماكنه. على أنه لا حجة له في ذلك على مذاهبنا لأنا نجيز عليه التقية، ويجوز أن يكون ذلك السائل من أهل العداوة فاتقاه بهذا القول وورى فيه تورية تخرجه من أن يكون كذبا. وبعد فإن علق توبتها بتمنيها أن تكون شجرة أو مدرة، وقد بينا أن ذلك لا يكون توبة وهو عليه السلام بهذا أعلم منا.
فأما ما رواه عن حذيفة فهو خبر عن مذهبه واعتقاده وليسا على من خالفه رحمه الله بحجة.
فأما ما عقب به ذلك من خبرها مع أبي بكرة وبكائها حتى بلت خمارها. فقد بينا أن البكاء دليل التحسر والتلهف، وأنه يحتمل غير التوبة كاحتماله لها.
فأما قوله: (إنها كانت وجدت في قلبها من مشورة أمير المؤمنين عليه السلام في بابها بما أشار به في قصة الإفك، فإن الذي يحكى عنها بعد ذلك لا يدل على خلاف التوبة) إلى آخر الفصل، فإنما هو إرهاص وتأسيس وتأويل ما روي عنها من الأخبار الدالة على إصرارها ومقتها وعداوتها وصرفها إلى غير وجهها، لأن صاحب الكتاب أحس بما أورده أصحابنا عليه من معارضة أخباره. فقدم هذه الرواية، والمقدمة لأجل ذلك، وليس يبلغ ألم ما ذكره من المشورة ونقل عليها إلى أن تمتنع من تسميته بأمير المؤمنين وتصرح بأنها تبغض البلد الذي يحله لأجله، وتظهر السرور بقتله وقد حز ذلك في - ب؟؟ الاسلام وأهله وتضعضعت له أركانه ودعائمه. ومن تأمل ما روي عنها في هذا الباب علم أنه أكثر مما يقتضيه ثقل