ما ظنه في الحال ولم يسند خبره إلى النبي صلى الله عليه وآله فيقطع به وليس كل ما ظنه كان يكون صحيحا وكيف يقول عمار ومذهبه معروف في تنزيه الله عن القبيح: إن الله ابتلاكم بها، وكيف يبتلي الله بالمعاصي وبما قد نهى عنه وحذر منه.
وأما الخبر الثاني وقولها مجيبة لابن عباس أيها الرجل كان قضاء وأمر خديعة فأول ما فيه أن يحيل على الله بذنبه، ويدعي أنه هو الذي قضاه عليه لا يقبل توبته عند جماعتنا، وليس له أن يحمل القضاء ها هنا على العلم دون الخلق والحكم، ليخرجها من أن تكون غالطة، وذلك أن المعلوم إنها كانت معتذرة بكلامها، ولا عذر لها في أن يعلم الله منها القبيح، وإنما العذر في القضاء المخالف العلم ألا ترى أنها ضمت إلى ذلك ذكر الخديعة لتلقي اللوم على غيرها، ولا مطابقة بين الخديعة والقضاء الذي هو العلم، فكيف تكون مخدوعة وقد ظهر منها بعد التمكن منها، وزوال كل شبهة عنها، من الكلام الغليظ في أمير المؤمنين عليه السلام وفي متبعيه ما يدل على استبصارها في عداوته، وإصرارها على مشاقته.
فأما قولها: وددت أني كنت غصنا رطبا، وفي بعض الأخبار:
شجرة أو مدرة، فإنه لا يدل على التوبة، وإنما يدل على التلهف والتحسر، ويجوز أن يكون من حيث خابت عن طلبتها، ولم تظفر ببغيتها، مع الذل الذي لحقها وألحقها العار في الدنيا، والإثم في الآخرة. فمن أين أن ذلك ندم على الفعل القبيح من الوجه الذي يسقط الذم؟ وليس فيه أكثر من لفظ التمني الذي يستعمله المستبصر المحقق وتارة يكون ندما وتوبة، إذا كان خوفا من ضرر الآخرة، وندما على القبيح لقبحه، وتارة يكون على الاستضرار في الدنيا لفوت غرض أو خيبة أو بعض ما ذكرناه، وهذا هو الجواب عن تعلقهم ببكائها وتمنيها الموت، وقولها لأن لا أكون شهدت هذا اليوم أحب إلي من أن يكون لي من رسول