جوابا، وانصرفت إلى مكة فاتت الحجر فاستبرزت (1) فقالت: إنا عبنا على عثمان في أمور سميناها له، ووقفناه عليها، وتاب منها واستغفر الله، فقبل المسلمون منه ذلك. ولم يجدوا من ذلك بدا فوثب عليه من إصبع من أصابع عثمان خير منه فقتله، فقتل والله وقد ماصوه كما يماص الثوب الرحيض (2) وصفوه كما يصفى القليب، ومن تأمل ما روي عنها في هذا المعنى وهو كثير حق تأمله وانقلابها في عثمان مادحة بعد أن كانت في الحال ذامة لا لشئ سوى حصول الأمر لمن يستحقه علم من أمرها ما لا يخرجه من قلبه تأويل، ولا يدفعه تذليق (3) وفي بعض ما ذكرناه من الأخبار كفاية، في معارضته أخباره لو لم يكن فيها تأويل ولا احتمال ونحن نتكلم الآن على ما تعلق به صاحب الكتاب في توبتها من الأخبار.
أما الأخبار فالخبر الذي تضمن موافقة عمار لها إنك لقوال بالحق، فأبعد شئ من حجة في التوبة أو شبهه، وما روي من اعترافها بصدق عمار بأنها مأمورة بأن تقر في بيتها من الدلالة على التوبة والندم، وهل كانت من جحد ذلك متمكنة، وأي منافاة بين الاعتراف بذلك. وبين الاصرار.
فأما ما حكاه بعد عن عمار من أنها زوجته في الدنيا والآخرة فظاهر البطلان. لأن أقوال عمار المشهورة بخلاف ذلك، وبعد فإن عمارا إنما قال ذلك بالكوفة عند الاستنفار وقبل الحرب، ويجوز أن يكون ظانا أن الأمر لا يفضي إلى ما أفضى إليه فقال: إنها زوجته في الدنيا والآخرة على