خصومة إلا مقام من يسميه بالرفض فيما يدعونه على أبي بكر وعمر وعثمان، ويدفعهم هو عنه، ومن هذا الذي يسلم له أن كثيرا من الصحابة شكوا في إسلامه وقد كان يجب ألا يرسل هذا القول إرسالا حتى كأنه لا خلاف فيه، وهو يعلم أن من دونه خرط القتاد وحز الحلاقيم (1).
وأما ما يروى عنه من الجبر فشاذ ضعيف، وكان صاحب الكتاب ومن رافقه فيه بين أمرين بين دفع لما لا يحتمل التأويل والتخريج، وبين تأويل المحتمل فألا فعل ذلك فيما يروون عن معاوية لولا قلة الانصاف؟
فأما بعثه الأصنام إلى بلد الروم فما كنا نظن أن مثل صاحب الكتاب يصححه، ويحتج به، لأن هذا وأمثاله لا يكاد يحتج به إلا من هو معترف بالترفض معرق فيه، ولا يزال من سمع الأخبار بهذا وأمثاله من المعتزلة وغيرهم يتضاحكون، ويستهزئون، ويقولون كيف يظن بمعاوية تجهيز الأصنام! وهو وإن شككنا في دينه، فليس نشك في عقله، وجودة تحصيله، فكيف يستجيز ذلك الفعل من يتسمى بإمرة المؤمنين، وخلافة رسول رب العالمين، ويجعلون هذا في حيز الممتنع المستبعد، ومن قبيل ما يورده من لا يتأمل موارد الأمور ومصادرها، فإن كان قد نشط صاحب الكتاب للتصديق لما جرى هذا المجرى، فقد فتح للخصوم طريقا لا يملك سدها، وما يلزمونه إياه في مقابلة ذلك معروف.
فأما جعله قتال المسلمين كفرا فكيف نسي ذلك في أصحاب الجمل؟ وما فعل معاوية من قتال المسلمين إلا كفعلهم، والخبر الذي