الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١١٤
التعريض، فروى عون بن أبي جحيفة قال سمعت عليا عليه السلام يقول (إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فلئن أخر من السماء فتخطفني (1) الطير أحب إلي من أن أقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقل، وإذا حدثتكم عن نفسي فإني محارب مكايد إن الله قضى على لسان نبيكم " إن الحرب خدعة " (2) ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولو شئت لسميت الثالث). وهذا الكلام يدل على أنه على سبيل التعريض وقد يحتاج صلوات الله عليه إلى التعريض فيحسن منه بعد أن تكون الأدلة المؤمنة من اللبس (3) واشتباه الشبهة بالحجة متقدمة، ومعلوم أن جمهور أصحابه وجلهم كانوا ممن يعتقد إمامة من تقدم عليه عليه السلام، وفيهم من يفضلهم على جميع الأمة.
وقد قيل إن معاوية بث الرجال في الشام يخبرون عنه عليه السلام بأنه يتبرأ من المتقدمين عليه، وأنه شرك في دم عثمان لينفر الناس عنه، ويصرف وجوه أكثر أصحابه عن نصرته، فلا ينكر أن يكون قال ذلك إطفاء لهذه النائرة، ومراده بالقول ما تقدم مما لا يخالف الحق.
وقال أيضا بعض أصحابنا: مما يدل على فساد هذا الخبر ما يتضمنه

(١) خطف الشئ استلبه، وخطف من باب سمع وضرب والثاني قليل الاستعمال أو رديه.
(٢) قال ابن الأثير في النهاية 2 / 14 مادة " خدع ": " الحرب خدعة، يروى بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال، فالأول معناه: أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة، من الخداع أي أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم تكن لها إقالة وهي أفصح الروايات وأصحها، ومعنى الثاني هو الاسم من الخداع، ومعنى الثالث أي إن الحرب تخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم، كما يقال: فلان لعبة وضحكة أي كثير اللعب والضحك ".
(3) اللبس - بفتح فسكون -: الخلط، يقال: ليس الأمر أي خلط بعضه ببعض.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»