الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١١٨
ذلك وجها غير هذا معروفا، وكل ذلك يسقط تعلقهم بالخبر.
فأما ما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: " لو كنت متخذا خليلا " فقد تقدم الكلام عليه فيما مضى من الكتاب فلا وجه لإعادته، وقد تقدم أيضا في أول هذا الفصل الكلام على أن جميع ما رواه من الأخبار لا يعارض في الثبوت والصحة أخبارنا، وإن لأخبارنا في باب الحجة المزية الظاهرة، والرجحان القوي.
فأما قوله عن أبي علي: " وعلى " أن هذه الأخبار لا تقتضي النص بل هي محتملة لأن قوله صلى الله عليه وآله " إمام المتقين " أراد به في التقوى، ولو أراد به الإمامة لم يكن بأن يكون إماما للمتقين بأولى من أن يكون إماما للفاسقين " فتأويل باطل لأن حمل ذلك على أنه إمام في شئ دون شئ تخصيص ومذهبه الأخذ بالعموم، إلا أن يقوم دليل، على إنا قد بينا فيما مضى إن معنى الإمامة، وحقيقة هذه اللفظة والصفة تتضمن الاقتداء بمن كان إماما من حيث قال وفعل، فإذا ثبت أنه إمام لبعض الأمة في بعض الأمور فلا بد من أن يكون مقتدى به في ذلك الأمر على الوجه الذي ذكرناه، وذلك يقتضي عصمته، وإذا ثبتت عصمته وجبت إمامته لأن كل من أثبت له العصمة وقطع عليها أوجب له الإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وآله بلا فصل.
فأما تخصيص المتقين باللفظ دون الفاسقين فلا يمتنع وإن كان إماما للكل، كما قال تعالى: ﴿ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين﴾ (1) وإن كان هدى للكل فإن حمل ذلك على أن المتقين لما انتفعوا (2) بهدايته، ولم ينتفع بها الفاسقون جاز هذا القول، وكان لنا أن نقول مثل ذلك في

(١) البقرة ٢.
(2) في المخطوطة " إن المنافقين ما انتفعوا ".
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»