يقول: (ما هذا الكذب الذي يقولون، ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر) فإذا كانت هذه المقدمة قد رواها من روى الخبر ممن ذكرناه مع انحرافه وعصبيته فلا يلتفت إلى قول من يسقطها، فالمقدمة إذا ذكرت لم يكن في الخبر احتجاج لهم، بل يكون فيه حجة عليهم من حيث ينقل الحكم الذي ظنوه إلى ضده.
وقد قال قوم من أصحابنا: لو كان هذا الخبر صحيحا لجاز أن يحمل على أنه عليه السلام أراد به ذم الجماعة أي خاطبها بذلك، والازراء (١) على اعتقادها فكأنه قال: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها في اعتقاداتها وعلى ما تذهب إليه فلان وفلان، ولهذا نظائر في الكتاب والاستعمال، قال الله تعالى: ﴿وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا﴾ (٢) ولم يكن إلهه على الحقيقة، بل كان كذلك في اعتقاده، وقال تعالى: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ (3) أي أنت كذلك عند نفسك وبين قومك، ويقول أحدنا: فلان بقية هذه الأمة، وزيد شاعر هذا العصر، وهو لا يريد إلا أنه كذلك في اعتقاد أهل العصر دون أن يكون على الحقيقة بهذه الصفة.
فإن قيل: هذا الذي ذكرتموه وإن جاز فالظاهر بخلافه والكلام على ظاهره إلى أن يقوم دليل.
قلنا: لو كان الأمر في الظاهر على ما ادعيتم لوجب العدول عنه للأدلة القاهرة الموجبة لفضله عليه السلام على جميع الأمة على أنه قد روي ما يقتضي العدول بهذا القول عن ظاهره، وأنه خارج مخرج