الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
وبعد، ففي ضمن هذا الخبر ما يدل على فساده، لأن في الخبر أن أمير المؤمنين عليه السلام كان عند الرسول صلى الله عليه وآله إذ أقبل أبو بكر وعمر فقال: (يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، لا تخبرهما بذلك يا علي) (1) وما رأينا النبي صلى الله عليه وآله قط أمر بكتمان فضل أحد من أصحابه ولا نهى عن إذاعة ما تشرف وتفضل به أصحابه، وقد روي من فضائل هؤلاء القوم ما هو أعلى وأظهر من فضيلة هذا الخبر من غير أن يأمر صلى الله عليه وآله أحدا بكتمانه، بل أمر بإذاعته ونشره كروايتهم أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال (إئذن له وبشره بالجنة) واستأذن عمر، فقال: (إئذن له وبشره بالجنة) واستأذن عثمان، فقال:
(إيذن له وبشره بالجنة) (2) فما بال هذه الفضيلة من بين سائر الفضائل تكتم وتطوى عنهما!.
فأما ما روي عنه من قوله: (ادعوا لي أخي وصاحبي) (3) فالذي يبطله المتظاهر من قول أمير المؤمنين عليه السلام في مقام بعد آخر (أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري) (4) وإن أحدا لم

(١) أخرجه الخطيب في التاريخ ٧ / ١١٨ من طريق بشار بن موسى الشيباني الخفاف وفي تهذيب التهذيب ١ / ٤٤١ قال ابن معين: " ليس بثقة - يعني بشارا - إنه من الدجالين، وقال البخاري: منكر الحديث قد رأيته، وكتبت عنه، وتركت حديثه، وكذلك في ميزان الاعتدال ١ / ٣١٠.
(٢) في تاريخ بغداد ٩ / ٣٣٩: " عن عبد الله بن علي المديني إنه سئل عن هذا الحديث فقال: " كذب موضوع " وروى الخطيب في هذا الحديث، " وبشره بالجنة والخلافة " وعلق ابن حجر في لسان الميزان ٣ / 193 على ذلك بقوله: " لو صح هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع ".
(3) يعني أبا بكر (رض) وفي بعض الروايات " دعوا لي ".
(4) تقدم تخريجه.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»