جهة الاستدلال لا من جهة الاضطرار، وقولك: " إن كلامي على من قال بالاضطرار " إن أردت به من يدعي الاضطرار على الكل ولا يشير إلى مانع يمنع منه، فقد قلنا: إن هذا ليس بمذهب لعاقل في النص وإن أردت أنه مما يعلم باضطرار وإن جاز ثبوت مانع منه فقد تكلمنا على هذا الوجه وألزمناك ما لا انفصال لك عنه.
فأما قولك: إنك قد بينت " أن التواتر يوجب العلم الضروري " فما وجدناك بينت ذلك بشئ في المواضع الذي أشرت إليه من كتابك، ولم نرك قد عولت إلا على أن خبر الجماعة إذا انتهى إلى أحد يمكن أن يستدل معه على صدقهم، فلا بد من وقوع العلم الضروري عند خبرهم، وهذه دعوى منك لا برهان عليها، ولنا أن نقول لك: هذا من أين قلته وما أنكرت من أن يجري الله العادة بأن يفعل العلم الضروري عند خبر الجماعة إذا انتهوا إلى عدد معلوم، ويكون من لم يبلغ عددهم من الجماعات لا يقع العلم الضروري عند خبرهم وإن أمكن الاستدلال به على صدقهم أوليس قد حكيت عن أبي هاشم في كتابك هذا أنه قال في بعض المواضع " لا يمتنع أن يستدل بخبر الجماعة على صدقهم وإن لم يقع العلم الضروري بخبرهم، بأن لا يكونوا بلغوا المبلغ الذي أجرى الله تعالى العادة بأن يفعل عنده العلم الضروري " ولو لم يقل ما حكيته أبو هاشم أيضا لكان القياس يقتضيه.
قال صاحب الكتاب: " فإن قيل إنا ندعي هذا الجنس من الاضطرار لمن فتش عن الأخبار وأزال عن قلبه الشبهة، ولم يسبق إلى اعتقاد فاسد، فأما من حصل فيه بعض هذه الوجوه لم يحصل له الضرورة، ولذلك يحصل الاضطرار لطوائف الشيعة ولا يحصل للمخالفين.