الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٦٠
إنما أردنا بما ذكرناه أن نبين اختلاف حكم الصلاة والإمام في هذا الباب وأن الذي أوجب النص على الصفة دون العين في الصلاة غير حاصل في الإمام، والذي يمنع من أن يكون في الإمام ما جوزناه في الصلاة وإن كان ممكنا خلافه في الإمام ما تقدم ذكره من اختصاص الإمام بصفات وشروط لا تتميز للمكلف ولا سبيل له إليها بالاجتهاد على أن الذي ذكرته يقتضي دخول الاختيار في جميع العبادات والأحكام على التأويل الذي تأولته لأنه لا شئ من العبادات إلا وحكمه حكم الصلاة في تناول النص لصفته دون عينه، وتفويض اختيار ما له تلك الصفة إلى اجتهاد المكلف، وهذا يؤدي إلى بطلان قول جميع المتكلمين والفقهاء:
إن العبادات الشرعية تنقسم قسمين منصوص عليه، وآخر موكول إلى الاجتهاد.
فإن قلت: إنما صحت القسمة التي حكيتموها من قبل إن في الأحكام ما وقع النص على صفته وشرطه كالصلاة فجعل من باب النص، وفيها ما لم يحصل نص على صفته فجعل من باب الاجتهاد.
قلنا لك: هذا خلاف أصلك في الاجتهاد لأن أحكام الاجتهاد عندك بمنزلة ما وقع النص على صفته من صلاة وغيرها، لأن من مذهبك أن الصفة التي إذا تعلق ظن المجتهد بها لزم الحكم قد تناولها النص فكأن المكلف قد قيل له: إذا ظننت شبه بعض الفروع ببعض الأصول فقد لزمك الحكم، وهذا نص على صفة ما يلزمه من الأحكام كما كان ما أوردته نصا على صفة ما يلزمه من صلاة وغيرها فيجب على موجب قولك أن يكون جميع العبادات الشرعية منصوصا عليها على تأويل أنها منصوص على صفاتها أو تكون بأسرها من باب الاختيار على تأويل أن المكلف مأمور
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 65 66 ... » »»