فمن كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به، لتكون المقدمة مطابقة لما تقدم ذكره، وما قصد إليه من الذكر بعد المقدمة يكون مطابقا لها، وقد علمنا أنه لم يرد بقوله: " ألست أولى بكم منكم بأنفسكم " إلا في الطاعة والاتباع والانقياد، فيجب فيما عطف عليه أن يكون هذا مراده به، وذلك لا يليق إلا بالإمامة واستدل بعضهم بدلالة الحال في ذلك وهو أنه تعالى أنزل على رسوله صلى الله عليه وآله: " ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ (١) فأمر النبي صلى الله عليه وآله عند ذلك في غدير خم بجمع أصحابه، وقام وأخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام فرفعها حتى رأى قوم بياض إبطه، وقال هذا القول مع كلام تقدم أو تأخر ولا يجوز أن يفعل ذلك إلا لبيان أمر عظيم، وذلك لا يليق إلا بالإمامة التي فيها أحياء معالم الدين دون سائر ما يذكر في هذا الباب مما يشركه فيه غيره، ومما قد بأن وظهر من قبل.
وقال بعضهم في وجه الاستدلال بذلك أنه صلى الله عليه وآله لما قال " من كنت مولاه فعلي مولاه " لم يخل من أن يريد بذلك مالك الرق أو المعتق وابن العم أو يريد بذلك العاقبة كقوله تعالى ﴿النار هي موليكم﴾ (2) أي عاقبتكم أو يريد بذلك ما يليه خلفه أو قدامه لأنه قد يراد ذلك بهذا اللفظ أو يراد بذلك مالك الطاعة، لأن ذلك قد يراد بهذا اللفظ، فإذا بطلت تلك الأقسام من حيث يعلم أنه صلى الله عليه وآله لم يرد مالك الرق ولا المعتق أو المعتق (3) فيجب أن يكون هذا هو المراد