الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٣٥
يوصف بذلك بمعنى أنه أملك بتدبيرنا وتصريفنا، وأن طاعته تجب علينا، وهذا المعنى هو الذي يجب للرسول والإمام، ويدخل تحته إمضاء الحدود والأحكام وغيرها، لأن إمضاءها جزء مما يجب طاعته فيه غير أن ما يجب لله تعالى لا يصح أن يقال: إنه مماثل لما يجب للرسول والإمام بالاطلاق، لأن ما يجب له عز وجل آكد مما يجب لهما من قبل أن ما يجب لهما راجع إلى وجوب ما وجب له عز وجل ولولا وجوبه لم يجب.
وقول صاحب الكتاب: (لا يقال ذلك في الرسول صلى الله عليه وآله) طريف لأنا لا نعلم مانعا من أن يقال ذلك في الرسول صلى الله عليه وآله وهو أحد ما يجب طاعته فيه، وكيف لا يقال، ونحن نعلم أن الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وآله خليفة له وقائم فيما كان يتولاه ويقوم به مقامة، وإذا كان إلى الإمام إقامة الحدود وإمضاء الأحكام، فلا بد أن يكونا إلى من هو خليفة له وقائم فيها مقامه.
وليس له أن يقول: إنما عنيت إن الرسول لا يوصف بإمضاء الحدود وإقامة الأحكام على الحد الذي يوصف به الإمام، ولم أرد أنه لا يوصف بهما أصلا، لأنه لا مانع من أن يوصفا جميعا بما ذكره على حد واحد من قبل أن المقتضي له فيهما واحد وهو فرض الطاعة وإن كانا يختلفان من حيث كان أحدهما نبيا والآخر إماما، وليس لاختلافهما من هذا الوجه مدخل فيما نحن فيه.
فأما حمله لفظة (ولي) على معنى التولي في الدين المذكور في الآية الثانية (1) فغير صحيح لأنه غير ممتنع أن يخبر تعالى بأنه ولينا ورسوله ومن

(1) وهي قوله تعالى: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) المائدة 56.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»