فأما قوله: " وثبت أيضا إن أحدا من السلف لم يذكر في الإمامة أنها لا تكون إلا بالنص، وقد جرت فيها الخطوب (1) وأن العقل يقتضي ذلك فيها، لتصرف بذلك عما كانوا عليه على اختلاف أحوالهم " فباطل، لأنه لا شبهة في أن جماعة من جملة (2) السلف خالفت في أصل الاختيار، على ما سنذكره من بعد عند الكلام في إمامة أبي بكر بمشيئة الله تعالى.
وقد دل الدليل على أن إنكار هؤلاء كان لأصل الاختيار وإن لم يصرحوا به، واكتفوا بالنكير على الجملة، ولو لم يدل الدليل على ذلك لكان إنكارهم محتملا للأمرين، يعني إنكار أصل الاختيار جملة، وإنكار أمامة المختار في تلك (3) الحال، وإذا كان محتملا بطل ادعاؤه الإطباق، وأن أحدا من السلف لم يقل في الإمامة أنها لا تكون إلا بالنص، وصار محتاجا إلى أن يدل على أن الإنكار الواقع الذي بينا أنه محتمل للأمرين لم يكن إلا لأحدهما دون الآخر وأنى له بذلك؟ فإن عول صاحب الكتاب على ما لا يزال أصحابه يعتمدونه من رجوع من ذكرنا من المخالفين ووقوع الرضا منهم فسنبين بطلان هذا فيما بعد، وندل على أن الرضا لم يعلم وأكثر ما علم الكف عن النكير المخصوص، وذلك لا يدل على الرضا في مثل تلك الحال، على أن أحدا من المنكرين لإمامة أبي بكر ممن ذكرناه لم يقل أيضا أنه جائز عندي من طريق العقل الاختيار وإنما خلافي هذا في