الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٩٢
تعالى (1)، واعتقاده أن حرب الجمل لم يكن عن قصد من أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه، ولا من عائشة وطلحة والزبير وأصحابهم، ولا برضى منهم. وإنما اجتمعوا لتقرير الأمور وترتيبها حتى وقع بين نفر من الأعراب من أصحاب الجميع الحرب والكبراء ساخطون لها. وتخطئة من زعم أن الله تعالى يعلم الأشياء قبل كونها.
وهذا القول الذي حكوه عن هشام بن الحكم رحمه الله تعالى مع نفي أصحابه له قد صححوه عن شيخهم (2).
وغلط الجاحظ قبيح في المعرفة، واعتقاده استحالة أن يقدر الله تعالى على إعدام الأجسام، وقوله: " إن الله لا يخلد كافرا في النار ولا يدخله إليها، وإن النار هي التي تدخل الكافر إليها " حتى حكى عن بعض أصحابه وقد سئل عن معنى هذا القول: وكيف صارت النار تدخل الكفار نفسها؟ فقال: " لأنهم عملوا أعمالا صارت أجسادهم إلى حال لا يمتنع النار إذا جاورتها في القيامة من اجتذابها إليها بطباعها " (3) وقوله ثمامة (4) في المانية (5) وذهابه في أن المعارف ضرورية إلى

(١) الملل والنحل ١ / ٧٢.
(٢) يعني أبا الهذيل العلاف.
(٣) نقل كل ذلك عن الجاحظ الشهرستاني في الملل والنحل ١ / ٧٥، وقال عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق ص ١٠٥ ومن فضائح الجاحظ قوله باستحالة عدم الأجسام بعد حدوثها. كما نقل ذلك القاضي أيضا في كتاب النظر والمعارف من المغني وانظر مقدمة الجزء الثاني من المغني ص / ر.
(٤) هو ثمامة بن أشرس من علماء الكلام في العصر العباسي، وقد قرب الرشيد منزلته وكذلك المأمون أخذ عن بشر بن المعتمر وكان يرى - كالجاحظ - أن المعارف ضرورية يعني من لم يضطر إلى معرفة الله تعالى عن اقتناع ومعرفة فليس عليه أمر ولا نهي وينتج من هذا أن الكفار والأطفال الذين لا يستطيعون المعرفة سيكونون رأيا فلا ثواب ولا عقاب، ودافع عنه أبو الحسين الخياط في الانتصار: بأنه يرى أن الكفار عرفوا بما أمروا به وما نهوا عنه ثم قصدوا الكفر أما من لم يجد للمعرفة سبيلا فلا حجة عليه، وليس يهوديا ولا نصرانيا ولا كافرا. ويرى ثمامة أن الأفعال مثل حركة اليد ليست من فعل الانسان وإلا كان قادرا مثل الله تعالى على خلق حقائق جديدة ولا تضاف إلى الله تعالى لأن ذلك يؤدي إلى فعل القبيح. فالمتولدات أفعال لا فاعل لها وقائمة في الطباع فلا فعل للانسان إلا الإرادة، والعالم فعل الله بطباعه أنظر (الملل والنحل ١ / ٨٩ والانتصار).
(5) المانية: نسبة إلى ماني بن بابك من حكماء الفرس كان في عصر سابور بن اردشير وقتله بهرام بن هرمز لأنه أخذ دينا بين المجوسية والنصرانية، وزعم أن العالم مصنوع من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة وأنهما أزليان إلى آخر مقالته أنظر الملل والنحل للشهرستاني 1 / 70.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»