الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٧٧
الناقلين، فكيف يجوز أن يحمل إحدى الحالين على الأخرى مع تباعد بينهما.
فأما قوله: " ولذلك ارتكب بعضهم عند هذا الالزام القول بإبطال التواتر،... (1) " فهو سهو منه عجيب، لأنا لا نبطل - بحمد الله - التواتر، وهو عندنا الحجة في ثبوت السمعيات، وكيف نبطله وبه نحتج في النص على أعيان الأئمة، ومعجزات الأنبياء؟، فإن كان يظن إذا جوزنا على المتواترين الإعراض عن النقل بشبهة أو تعمد فقد أبطلنا التواتر، فقد وقع بعيدا، لأن الناقلين إنما يكونون متواترين إذا نقلوا أو أخبروا على وجه مخصوص، وعندنا أنهم إذا نقلوا الخبر على وجه التواتر كان نقلهم حجة، وتجويز الإعراض عن النقل عليهم لا يقدح في صحة التواتر، ولا يكون تجوزه عليهم مبطلا له.
فأما قوله: " وبعضهم ارتكب القول بجواز الكتمان على الخلق العظيم (2)، وارتكب بعضهم إبطال الاجماع (3) لأنهم رأوا مع القول بصحة هذه الأدلة أنه لا يصح تعلقهم بما قدمنا في أنه لا بد من حجة في كل

(1) المغني 20 ق 1 / 37.
(2) علق محقق المغني على هذه الجملة بقوله: " الأولى أن تحذف هذه الكلمة أو يضاف إليها ما تكمل به جملة " والجملة كاملة وهي أن بعضهم يرى أن الخلق وإن عظموا كثيرة يجوز عليهم كتمان ما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وآله لأمر ما.
(3) الاجماع في اللغة: العزم، وفي الشرع اتفاق العلماء، في وقت من الأوقات على شئ والاجماع - عند السنة - حجة كالنص المتواتر، وهو معتبر عند الشيعة بل أحد مصادر الفقه الأربعة وهي الكتاب والسنة والعقل والاجماع، لأن الاجماع يكشف عن رضاع المعصوم باعتبار أن أقوال التابعين تدل على قول المتبوع وأن المجمعين علماء أتقياء والتقوى تمنع من القول بلا علم فاللازم أن نؤمن بأن المجمعين ما أجمعوا إلا لوجود دليل معتبر عندهم وهو حجة بالرغم من جهل المنقول إليه العلم به، وقاعدة اللطف تقتضي أن إجماع العلماء لو كان خطأ لوجب أن يظهر الله سبحانه لهم الحق ليقربهم من الطاعة ويبعدهم من المعصية إلى غير ذلك من الأقوال، ولكن بعضهم يرى أن عد الاجماع من الأدلة فيه نوع من التسامح وما هو إلا راو وحاك لحكم من الكتاب والسنة والراوي لا يجوز الأخذ بقوله إلا بعد الوثوق والاطمئنان بالصدق وعدم الخطأ ولذا نرى أن بعضهم ضرب ببعض الاجماعات عرض الجدار إذا قام عنده الدليل بما يعارضها.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»