الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٧٤
قوله: " إن التواتر يقوم مقام الإمام في بيان مراد الرسول (1) ".
فأما ما ذكره في السموم القاتلة، والأغذية المتبقية (2) فمما لا نعتمده أيضا في وجوب الحاجة إلى الأئمة ولو كان ذلك مما لا يستفاد بالتجربة والاختبار لما وجب الحاجة إلى الإمام في كل زمان، بل كان لا يمتنع أن ينبه عليه في الابتداء إمام واحد ويستغني من يأتي من بعده عن بيان الإمام لذلك بالنقل، وليس يجري هذا الوجه مجري ما ذكرناه قبل هذا الفصل في باب العبادات وشكر المنعم، وأنه غير ممتنع على الخلق أن يكتموا ما نبه الرسول عليه من ذلك لداع وغرض، وبين الأمرين فرق واضح. لأن ما يعلمه الناس من السموم القاتلة. والأغذية المصلحة. وما جرى مجراهما مما به قوام أبدانهم هم كالملجئين إلى نقله وإعلام أولادهم وأخلافهم (3) ومن يأتي بعدهم، مضرته ليجتنبوا منه المضر ويتناولوا المصلح. ويبعد بل يستحيل أن يكون لعاقل داع إلى كتمان ما جرى هذا المجرى، وليس بمستحيل ولا ممتنع أن يعرض الناس عن نقل العبادات وكثير من التكليفات لأغراض معقولة فلهذا جاز أن يستغنى عن المبين في كل وقت لأحوال السموم والأغذية وإن لم يجز أن يستغنى عنه في باب الدين والعبادات.
وأما قوله: " ويقال لهم: إن وقوع القتل بالسم ليس بواجب، وقد كان يجوز أن تتعلق الشهوة به فيصير غذاء، وأن تجري العادة فيه بخلاف ذلك فلا يكون قاتلا فما الذي يمنع أن يخلي الله المكلفين من حجة

(1) ما بين القوسين معنى كلام القاضي لا حروفه.
(2) في الأصل " المقيئة " وأصلحناه من المغني (3) أخلافهم من يخلفهم، والخلف - بسكون اللام - القرن بعد القرن.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»