الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٢١
اتباع سبيلهم في الحظر (1)، ولا يجب أن يكون واجبا من حيث كان الأول محظورا، وكانت معرفته لا تتم إلا بمعرفته، وقد أصاب في قوله: " لا فرق بين ذلك وبين أن يقول: " ولا يتبع غير سبيل المؤمنين " غير أنه ظن أنه لو استعمل هذا اللفظ لفهمنا منه ما ادعاه من اتباع سبيلهم، وليس الأمر كما ظن، بل التأويل الذي تأولناه، ودللنا على احتمال اللفظ الأول له قائم في الثاني، وحكم المثل الذي ضربه أيضا هذا الحكم، فإن من قال: لا تأكل غير طعامي، أو من أكل غير طعامي عاقبته، لا يفهم من ظاهر لفظه ومجرده إيجاب أكل طعامه، بل المفهوم حظر أكل ما هو غير لطعامه وحال طعامه في الحظر الإباحة أو الإيجاب موقوفة على الدليل، وأقل أحوال هذا اللفظ عند من ذهب إلى أن لفظة " غير " مشتركة بين الاستثناء وغيره وأن ظاهرها لا يفيد أحد الأمرين أن يكون محتملا لما ذكرناه من حظر أكل غير طعامه ومحتملا لإيجاب أكل طعامه، ووضع لفظة " غير " مكان لفظة " إلا " وإنما يفهم في بعض المواضع عن مستعمل هذا اللفظ إيجاب، أكل طعامه لا بمجرد اللفظ، بل بأن يعرف قصده إلى الإيجاب، أو لغير ذلك من الدلائل المقترنة (2) إلى اللفظ، ولولا أن الأمر على ما ذكرناه لما حسن أن يقول القائل: من أكل غير طعامي عاقبته، ومن أكل طعامي - أيضا - عاقبته، وكان يجب أن يكون نقضا وجاريا مجرى قوله: من أكل إلا طعامي عاقبته، ومن أكل طعامي عاقبته، فلما حسن ذلك مع استعمال لفظة " غير " ولم يحسن مع استعمال لفظة " إلا " دل على صحة قولنا.

(1) الحظر: الحجر، وهو ضد الإباحة، وحظره فهو محظور أي محرم وبابه نصر.
(2) المضمومة خ ل.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»