الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢١٨
وهم إذا خرجوا من الإيمان خرجوا عن الصفة التي تعلق الوعيد بخلاف من كان عليها.
ومنها، أن قوله تعالى (المؤمنين) لا يخلو، إما أن يريد به المصدقين بالرسول عليه السلام، أو المستحقين للثواب على الحقيقة، فإن كان الأول بطل، لأن الآية تقتضي التعظيم والمدح لمن تعلقت به من حيث أوجبت اتباعه، وترك خلافه، ولا يجوز أن يتوجه إلى من لا يستحق التعظيم والمدح، وفي الأمة من يقطع على كفره، وأنه لا يستحق شيئا منهما، ولأنه كان يجب لو كان المراد بالقول المصدقين دون المستحقين للثواب أن يعتبر الاجماع دخول كل مصدق فيه في شرق وغرب، وهذا مما يعلم تعذره وعموم القول يقتضيه وليس يذهب صاحب الكتاب وأهل نحلته إلى هذا الوجه فنطنب فيه، وإن أراد بالمؤمنين مستحقي الثواب والمدح والتعظيم فمن أين ثبوت مؤمن بهذه الصفة في كل عصر يجب اتباعهم؟.
ويجب أيضا أن لا يثبت الاجماع إلا بعد القطع على أن كل مستحق للثواب في بحر وبر وسهل وجبل قد دخل فيه لأن عموم القول يقتضيه، وهذا يؤدي إلى أن لا يثبت الاجماع أبدا، وإن حمل على بعض المؤمنين دون بعض،! وعلى من عرفناه دون من لم نعرفه خرجنا عن موجب العموم وجاز حمله على طائفة من المؤمنين وهم أئمتنا عليهم السلام.
وإن قيل: إن المراد بالمؤمنين من كان في الظاهر يستحق التعظيم والمدح، وإن لم يكن في الحقيقة كذلك، فذلك باطل لأنه خروج في هذا الاسم عن اللغة، وعما يدعي أنه نقل إليه في الشرع جميعا، ولأن الآية تقتضي المدح والتعظيم، من حيث أوجب علينا اتباع من تعلقت به، ومن أظهر الإيمان ولم يبطنه لا يستحق التعظيم في الحقيقة، ولهذا تعبدنا
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»