مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
والمعنى لا تدركه ذو الابصار وهو يدرك الابصار أي المبصرين، ويقال لا تدركه الابصار أي الأوهام.
وفي حديث هشام بن الحكم في إثبات الصانع " الأشياء لا تدرك إلا بأمرين:
الحواس والقلب، والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراك بالمداخلة، وإدراك بالمماسة، وإدراك بلا مداخلة ولا مماسة.
فأما الادراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم، وأما الادراك بالمماسة فمعرفة الاشكال من التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد، وأما الادراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر، فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، وإدراك البصر له سبيل وسبب فسبيله الهواء وسببه الضياء، فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائما أدرك ما يلاقي من الألوان والاشخاص، فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رد راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصر لا في المرآة وكذلك الناظر في الماء الصافي يرد راجعا فيحكي ما وراءه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره. وأما القلب فإنما سلطانه على الهواء، فهو يدرك جميع ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا في الهواء موجود كما قلناه في أمر البصر، تعالى الله أن يشبهه شئ من خلقه ".
قوله تعالى: (أولو الأيدي والابصار) [38 / 45] أي أيد من الاحسان وبصائر في الدين، ألا ترى إلى قوله تعالى (قد جاءكم بصائر من ربكم) [6 / 104] ليس بمعنى بصر العيون (فمن أبصر فلنفسه) يعني ليس من البصر بعينيه، (ومن عمي فعليها) ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال " فلان بصير بالشعر " و " فلان بصير بالفقه " و " فلان بصير بالثياب " إنما أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون.
والبصير: خلاف الأعمى، ومنه قوله تعالى: (وما يستوي الأعمى والبصير) [35 / 19].
قوله: (وأبصر فسوف يبصرون) [37 / 179] أي أبصرهم ما يقضي عليهم
(٢٠٥)
مفاتيح البحث: هشام بن الحكم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الف 21
2 باب ب 145
3 باب ت 278
4 باب ث 305
5 باب ج 337
6 باب ح 438
7 باب خ 614