القاموس المحيط - الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ١٧
(ولما رأيت اقبال الناس) أي توجه خاطر علماء وقته وغيرهم بالاعتناء الزائد والاهتمام الكثير (على صحاح) الامام أبى نصر إسماعيل بن نصر بن حماد (الجوهري) نسبة لبيع الجوهر أو لحسن خطه أو غير ذلك الفارابي نسبة إلى مدينة ببلاد الترك وسيأتى في فرب كان من أذكياء العالم وكان بخطه يضرب المثل توفى في حدود الأربعمائة على اختلاف في التعيين واختلف في ضبط لفظ الصحاح فالجاري على ألسنة الناس الكسر وينكرون الفتح ورجحه الخطيب التبريزي على الفتح وأقره السيوطي في المزهر ومنهم من يرجح الفتح قال شيخنا والحق صحة الروايتين وثبوتهما من حيث المعنى ولم يرد عن المؤلف في تخصيص أحدهما بالسند الصحيح ما يصار إليه ولا يعدل عنه (وهو) أي الكتاب أو مؤلفه (جدير) أي حقيق وحرى (بذلك) الاقبال قال شيخنا وقد مدحه غير واحد من الأفاضل ووصفوا كتابه بالاجادة لالتزامه الصحيح وبسطه الكلام وايراده الشواهد على ذلك ونقله كلام أهل الفن دون تصريف فيه وغير ذلك من المحاسن التي لا تحصى وقد رزقه الله تعالى شهرة فاق بها كل من تقدمه أو تأخر عنه ولم يصل شئ من المصنفات اللغوية في كثرة التداول والاعتماد على ما فيه ما وصل إليه صاحب الصحاح وقد أنشد الإمام أبو منصور الثعالبي لأبي محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوس النيسابوري هذا كتاب الصحاح سيد ما * صنف قبل الصحاح في الأدب - يشمل أبوابه ويجمع ما * فرق في غيره من الكتب (غير أنه) أي الصحاح قد (فاته) أي ذهب عنه (نصف اللغة) كذا في نسخة مكية وفى الناصرية 2 على ما قيل ثلثا اللغة (أو أكثر) من ذلك أي فهو تام لفوات الكثير من اللغة فيه قال شيخنا وصريح هذا النقل يدل على أنه جمع اللغة كلها وأحاط بسرها وهذا أمر متعذر لا يمكن لاحد من الآحاد الا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قلت وقد تقدم في أول الكتاب نص الإمام الشافعي رضي الله عنه فإذا عرفت ذلك ظهر لك ان ادعاء المصنف حصر الفوت بالنصف أو الثلثين في غير محله لان اللغة ليس ينال إلى منتهاها فلا يعرف لها نصف ولا ثلث ثم إن الجوهري ما ادعى الإحاطة ولا سمى كتابه البحر وال القاموس وانما التزم ان يورد فيه الصحيح عنده فلا يلزمه كل الصحيح والا الصحيح عند غيره ولاغير الصحيح وهو ظاهر اه ثم بين وجه الفوات فقال (اما باهمال) أي ترك (المادة) وهى حروف اللفظ الدال على المعنى والمراد عدم ذكرها بالكلية (أو بترك المعاني الغربية) أي عن كثير من الافهام لعدم تداولها (النادة) أي الشردة النافرة (أردت أن يظهر) أي ينكشف (للناظر) المتأمل (بادئ) منصوب على الظرفية مضاف إلى (بدء) أي أول كل شئ قبل الشروع وغيره (فضل كتابي هذا عليه) أي الصحاح (فكتبت بالحمرة المادة) أي اللفظة أو الكلمة (المهملة) أي المتروكة (لديه) أي الصحاح (وفى سائر التراكيب) أي باقيها أو جميعها (تتضح) أي تتبين وتظهر ظهورا واضحا (المزية) الفضيلة والمأثرة (بالتوجه) أي الاقبال وصرف الهمة (إليه) أي كتابه وفى هذا الكلام بيان ان المواد التي تركها الجوهري رحمه الله وزادها المصنف ميزها بما يعرفها وهى كتابتها بالحمرة لاظهار الفضل السابق ولشيخنا رحمه الله هنا كلام لم نعطف إلى بيانه زمام فإنه مورث للملام والله سبحانه الملك العلام (ولم أذكر ذلك) إشارة إلى ما تقدم من مدح كتابه وذكر مناقبه (إشاعة) أي اذاعة واظهار (للمفاخر) جمع مفخر ومفخرة بالفتح فيهما وبضم الثالث في الثاني لغة مفعل من الفخر ويقال الفخار والافتخار هو المدح بالخصال المحمودة قال شيخنا وجوز البدر القرافي ضبط المفاخر بضم الميم اسم فاعل من فاخره مفاخره وجعله متعلقا بأذكر أي لم أذكر للشخص المفاخر الذي يفاخرني فأفتخر عليه بالكتاب وهو من البعد بمكان (بل اذاعه) أي نشر أو افشاء (لقول) أبى تمام حبيب بن أوس الطائي (الشاعر) المعروف وهو
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»