مما فتح الله تعالى بها على (وأنعم) أي اعطى وأحسن (ورزقنيها) أي أعطانيها (عند غوصي عليها) أي تلك الزيادات وهو كناية عما استنبطته أفكاره السليمة (من بطون الكتب) أي أجوافها (الفاخرة) أي الجيدة أو الكثيرة الفوائد أو المعتمدة المعول عليها (الدأماء) ممدودا هو البحر (الغطمطم) وهو العظيم الواسع المنبسط وهو من أسماء البحر الا انه أريد هنا ما ذكرناه لتقدم الدأماء عليه فالدأماء مفعول أول لغوصي وهو تارة يستغنى بالمفعول الواحد وتارة يحتاج إلى مفعول آخر فيتعدى إليه بعلى ومن بيانية حال من الدأماء (أو سميته) كسميته بمعنى واحد وهما من الافعال التي تتعدى للمفعول الأول بنفسها وللثاني تارة بنفسها وتارة بحرف جر فالمفعول الأول الضمير العائد للكتاب والمفعول الثاني (القاموس) هو البحر (المحيط) ويوجد في بعض نسخ المقلدين التعرض لبقية التسمية التي يوردها المصنف في آخر الكتاب وهى قوله والقابوس الوسيط ففي بعض الاقتصار على هذا وفى أخرى زيادة فيما ذهب من لغة العرب شماطيط وكل ذلك ليس في النسخ الصحيحة ويرد على ذلك أيضا قوله (لأنه) أي الكتاب (البحر الأعظم) فان هذ قاطع لبقية التسمية قال شيخنا وانما سمى كتابه هذا بالقاموس المحيط على عادته في ابداع أسامي مؤلفاته لاحاطته بلغة العرب كإحاطة البحر للربع المعمور قلت أي فإنه جمع فيه ستين ألف مادة زاد على الجوهري بعشرين الف مادة كما أنه زاد عليه ابن منظور الإفريقي في لسان العرب في عشرين الف مادة ولعل المصنف لم يطلع عليه والا لزاد في كتابه عنه وفوق كل ذي علم علم قال شيخنا رحمه الله وقد مدح هذا الكتاب غير واحد ممن عاصره وغيرهم إلى زماننا هذا وأوردوا فيه أعاريض مختلفة فمن ذلك ما قاله الأديب البارع نو الدين علي بن محمد العفيف المكي المعروف بالعليفي قلت ووالده الأديب جمال الدين محمد بن حسن بن عيسى شهر بابن العليف توفى بمكة سنة 815 هيض كذا في ذيل الحافظ تقى الدين بن فهد على سره في مواضع من تقاييده وسمعتهما منه غير مرة وقال لي انه قالهما لما قرئ عليه كتاب القاموس مذمد مجد الدين في أيامه * من بعض أبحر علمه القاموسا ذهبت صحاح الجوهري كأنها * سحر المدائن حين ألقى موسى وقد استطرفت أديبة عصرها زينب بنت أحمد بن محمد الحسنية المتوفية بشهارة سنة 1114 إذ كتبت إلى السيد موسى بن المتوكل تطلب منه القاموس مولاي موسى بالذي سمك السما * وبحق من في اليم ألقى موسى - امنن على بعبارة مردودة * واسمح بفضلك وابعث القاموسا قال شيخنا وقد رد على القول الأول أديب الشام وصوفيه شيخ مشايخنا العلامة عبد الغنى بن إسماعيل الكناني المقدسي المعروف بابن النابلسي قدس سره كما أسمعنا غير واحد من مشايخنا الاعلام عنه من قال قد بطلت صحاح الجوهري * لما گ تى القاموس فهو المفترى - قلت اسمه القاموس وهو البحر ان) يفخر فمعظم فخره بالجوهري ونقل من خط المجد صاحب القاموس قال أنشدنا الفقيه جمال الدين محمد بن الصباحي لنفسه في مدح هذا الكتاب أبيتا أربعة وهى من رام في اللغة العلو السها * فعليه منها ما حوى قاموسها - مغن عن الكتب النفيسة كلها * جماع شمل شتيتها ناموسها - فإذا دواوين العلوم تجمعت * في محفل للدرس فهو عروسها - لله مجد الدين خير مؤلف * ملك الأئمة وافتدته نفوسها
(١٦)