مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٨١
(حسن التعليل) وهو ان يدعى لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف) أي بان ينظر نظرا يشتمل على لطف ودقة (غير حقيقي) أي لا يكون ما اعتبر علة له في الواقع كما إذا قلت قتل فلان أعاديه لدفع ضررهم فإنه ليس في شئ من حسن التعليل وما قيل من أن هذا الوصف أعني غير حقيقي ليس بمفيد لأن الاعتبار لا يكون الا غير حقيقي فغلط ومنشأه ما سمع ان أرباب المعقول يطلقون الاعتباري على ما يقابل الحقيقي.
ولو كان الامر كما توهم لوجب ان يكون جميع اعتبارات العقل غير مطابق للواقع (وهو أربعة اضرب لان الصفة) التي ادعى لها علة مناسبة (اما ثابتة قصد بيان علتها أو غير ثابتة أريد اثباتها والأولى اما ان لا يظهر لها في العادة علة) وان كانت لا تخلو في الواقع عن علة (كقوله لم يحك) أي لم يشابه (نائلك) أي عطائك (السحاب وانما حمت به) أي صارت محمومة بسبب نائلك وتفوقه عليها (فصبيبها الرحضاء) أي فالمصبوب من السحاب، هو عرق الحمى فنزول المطر من السحاب صفة ثابتة لا يظهر لها في العادة علة.
وقد علله بأنه عرق حماها الحادثة بسبب عطاء الممدوح (أو يظهر لها) أي لتلك الصفة (علة غير) العلة (المذكورة) لتكون المذكورة غير حقيقية فتكون من حسن التعليل (كقوله ما به قتل أعاديه ولكن يتقى أخلاف ما ترجو الذئاب فان قتل الأعداء في العادة لدفع مضرتهم) وصفوة المملكة عن منازعتهم (لا لما ذكره) من أن طبيعة الكرم قد غلبت عليه ومحبة صدق رجاء الراجين بعثته على قتل أعاديه لما علم من أنه إذا توجه إلى الحرب صارت الذئاب ترجوا اتساع الرزق عليها بلحوم من يقتل من الأعادي.
وهذا مع أنه وصف بكمال الجود وصف بكماله الشجاعة حتى ظهر ذلك للحيوانات العجم.
(والثانية) أي الصفة الغير الثابتة التي أريد اثباتها (اما ممكنة كقوله يا واشيا حسنت فينا إسائته، نجى حذارك) أي حذاري إياك (إنساني) أي انسان
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»