مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٠٠
ظهور غمامة للقوم العطاش ثم تفرقها وانكشافها وبقائهم متحيرين (باتصال) أي باعتبار اتصال فالباء ههنا مثلها في قولهم التشبيه بالوجه العقلي الأعم إذ الامر المشترك فيه ههنا هو اتصال (ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس).
وهذا بخلاف التشبيهات المجتمعة كما في قولنا زيد كالأسد والسيف والبحر فان القصد فيها إلى التشبيه لكل واحد من الأمور على حدة حتى لو حذف ذكر البعض لم يتغير حال الباقي في إفادة معناه بخلاف المركب فان المقصود منه يختل باسقاط بعض الأمور (والمتعدد الحسى كاللون والطعم والرائحة في تشبيه فاكهة بأخرى و) المتعدد (العقلي كحدة النظر وكمال الحذر واخفاء السفاد) أي نزو الذكر على الأنثى (في تشبيه طائر بالغراب و) المتعدد (المختلف) الذي بعضي حسي وبعضه عقلي (كحسن الطلعة) الذي هو حسي (ونباهة الشأن) أي شرفه واشتهاره الذي هو عقلي (في تشبيه انسان بالشمس) ففي المتعدد يقصد اشتراك الطرفين في كل من الأمور المذكورة ولا يعمد إلى انتزاع هيئة منها تشترك هي فيها.
(واعلم أنه قد ينتزع الشبه) أي التماثل يقال بينهما شبه بالتحريك أي تشابه، والمراد به ههنا ما به التشابه أعني وجه التشبيه (من نفس التضاد لاشتراك الضدين فيه) أي في التضاد لكون كل منهما متضادا للآخر (ثم ينزل) التضاد (منزلة التناسب بواسطة تمليح) أي اتيان بما فيه ملاحة وظرافة.
يقال ملح الشاعر إذا اتى بشئ مليح.
وقال الامام المرزوقي في قول الحماسي " أتاني من أبى انس وعيد، فسل لغيظة الضحاك جسمي " ان قائل هذه الأبيات قد قصد بها الهزؤ والتمليح.
واما الإشارة إلى قصة أو مثل أو شعر فإنما هو التلميح بتقديم اللام على الميم وسيجئ ذكره في الخاتمة.
والتسوية بينهما انما وقعت من جهة العلامة الشيرازي رحمه الله تعالى وهو سهو (أو تهكم) أي سخرية واستهزاء (فيقال للجبان ما أشبهه بالأسد وللبخيل انه هو حاتم) كل من المثالين صالح للتمليح والتهكم وانما يفرق بينهما بحسب المقام فان كان
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»