مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢١١
وقوله لم تلق ان كان من لقيته بمعنى أبصرته فالتشبيه مكنى غير مصرح به وان كان من لقيته بمعنى قابلته وعارضته فهو فعل ينبئ عن التشبيه أي لم تقابله في الحسن والبهاء الا بوجه ليس فيه حياء (وقوله عزماته مثل النجوم ثواقبا) أي لوامعا (لو لم تكن للثاقبات أفول) فتشبيه العزم بالنجم مبتذل الا ان اشتراط عدم الأفول أخرجه إلى الغرابة.
(ويسمى) مثل (هذا) التشبيه (التشبيه المشروط) لتقييد المشبه أو المشبه به أو كليهما بشرط وجودي أو عدمي يدل عليه بصريح اللفظ أو بسياق الكلام (وباعتبار) أي والتشبيه باعتبار (أداته اما مؤكد وهو ما حذفت أداته مثل قوله تعالى وهي تمر مر السحاب،) أي مثل مر السحاب.
(ومنه) أي ومن المؤكد ما أضيف المشبه به إلى المشبه بعد حذف الأداة (نحو قوله والريح تعبث بالغصون) أي تميلها إلى الأطراف والجوانب (وقد جرى ذهب الأصيل) هو الوقت بعد العصر إلى المغرب بعد من الأوقات الطيبة كالسحر ويوصف بالصفرة كقوله:
" ورب نهار للفراق أصيله * ووجهي كلا لونيهما متناسب " " فذهب الأصيل صفرته وشعاع الشمس فيه (على لجين الماء) أي على ماء كاللجين أي الفضة في الصفاء والبياض فهذا تشبيه مؤكد ومن الناس من لم يميز بين لجين الكلام ولجينه ولم يعرف هجانه من هجينه حتى ذهب بعضهم إلى أن اللجين انما هو بفتح اللام وكسر الجيم يعنى الورق الذي يسقط من الشجر وقد شبه به وجه الماء وبعضهم إلى أن الأصيل هو الشجر الذي له أصل وعرق وذهبه ورقه الذي اصفر ببرد الخريف وسقط منه على وجه الماء وفساد هذين الوهمين غنى عن البيان.
(أو مرسل) عطف على اما مؤكد (وهو بخلافه) أي ما ذكر أداته فصار مرسلا عن التأكيد المستفاد من حذف الأداة المشعر بحسب الظاهر بان المشبه عين المشبه به (كما مر) من الأمثلة المذكورة فيها أداة التشبيه (و) التشبيه (باعتبار الغرض اما مقبول وهو الوافي بافادته) أي إفادة الغرض (كأن يكون المشبه به) أعرف شئ
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 215 216 217 ... » »»