انه أتم من المشبه) في وجه الشبه (وذلك في التشبيه المقلوب) الذي يجعل فيه الناقص مشبها به قصدا إلى ادعاء انه انه أكمل (كقوله وبدا الصباح كأن غرته،) هي بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم استعيرت لبياض الصبح (وجه الخليفة حين يمتدح) فإنه قصد ايهام ان وجه الخليفة أتم من الصباح في الوضوح والضياء، وفى قوله حين يمتدح دلالة على اتصاف الممدوح بمعرفة حق المادح وتعظيم شأنه عند الحاضرين بالاصغاء إليه والارتياح له وعلى كماله في الكرم حيث يتصف بالبشر والطلاقة عند استماع المديح.
(و) الضرب (الثاني) من الغرض العائد إلى المشبه به (بيان الاهتمام به) أي بالمشبه به (كتشبيه الجائع وجها كالبدر في الاشراق والاستدارة بالرغيف ويسمى هذا) أي التشبيه المشتمل على هذا النوع من الغرض (اظهار المطلوب، هذا) الذي ذكرناه من جعل أحد الشيئين مشبها والاخر مشبها به انما يكون (إذا أريد الحاق الناقص) في وجه الشبه (حقيقة) كما في الغرض العائد إلى المشبه (أو ادعاء) كما في الغرض العائد إلى المشبه به (بالزايد) في وجه الشبه (فان أريد الجمع بين شيئين في أمر) من الأمور من غير قصد إلى كون أحدهما ناقصا والاخر زائدا سواء وجدت الزيادة والنقصان أم لم توجد (فالأحسن ترك التشبيه) ذاهبا (إلى الحكم بالتشابه) ليكون كل واحد من الشيئين مشبها ومشبها به (احترازا عن ترجيح أحد المتساويين) في وجه الشبه.
(كقوله تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي * فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب فوالله ما أدري أبالخمر أسبلت، جفوني) يقال أسبل الدمع والمطر إذا هطل وأسبلت السماء فالباء في قوله " أبالخمر " للتعدية وليست بزائدة على ما توهم بعضهم (أم من عبرتي كنت اشرب) لما اعتقد التساوي بين الدمع والخمر ترك التشبيه إلى التشابه (ويجوز) عند إرادة الجمع بين شيئين في أمر (التشبيه أيضا) لأنهما وان تساويا في وجه الشبه بحسب قصد المتكلم الا انه يجوز له ان يعجل أحدهما مشبها والاخر