مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٩٧
هيئة.
وليس المراد بالمركب ههنا ما يكون حقيقة مركبة من اجزاء مختلفة بدليل انهم يجعلون المشبه والمشبه به في قولنا زيد كالأسد مفردين لا مركبين.
ووجه الشبه في قولنا زيد كعمر وفى الانسانية واحد لا منزلا منزلة الواحد فالمركب الحسى (فيما) أي في التشبيه الذي (طرفاه مفردان كما في قوله وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى، كعنقود ملاحية) بضم الميم وتشديد اللام عنب أبيض في حبه طول وتخفيف اللام أكثر (حين نورا) أي تفتح نوره (من الهيئة) بيان لما في قوله كما (الحاصلة من تقارن الصور البيض المستديرة الصغار المقادير في المرأى) وان كانت كبارا في الواقع حال كونها (على كيفية المخصوصة) أي لا مجتمعة اجتماع التضام والتلاصق ولا شديدة الافتراق منضمة (إلى المقدار المخصوص) من الطول والعرض فقد نظر إلى عدة أشياء وقصد إلى هيئة حاصلة منها.
والطرفان مفردان لان المشبه هو الثريا والمشبه به هو العنقود مقيدا بكونه عنقود الملاحية في حال اخراج النور والتقييد لا ينافي الافراد كما سيجئ إن شاء الله تعالى.
(وفيما) أي والمركب الحسى وفى التشبيه الذي (طرفاه مركبان كما في قول بشار كأن مثار النقع) من آثار الغبار هيجه (فوق رؤسنا، وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه) أي تتساقط بعضها أثر بعض والأصل تتهاوى حذفت إحدى التائين (من الهيئة الحاصلة من هوى) بفتح لهاء أي سقوط (أجرام مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار متفرقة في جوانب شئ مظلم).
فوجه الشبه مركب كما ترى وكذا الطرفان لأنه لم يقصد تشبيه الليل بالنقع والكواكب بالسيوف بل عمد إلى تشبيه هيئة السيوف وقد سلت من أغمادهما وهي تعلو وترسب وتجئ وتذهب وتضطرب اضطرابا شديدا وتتحرك بسرعة إلى جهات مختلفة وعلى أحوال تنقسم بين الاعوجاج والاستقامة والارتفاع والانخفاض مع التلاقي والتداخل والتصادم والتلاصق.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»