مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٠٣
العبارة ان كلا من الأربعة يقتضى الأتمية والأشهرية.
لكن التحقيق ان بيان الامكان وبيان الحال لا يقتضيان الا الأشهرية ليصح القياس ويتم الاحتجاج في الأول ويعلم الحال في الثاني وكذا بيان المقدار لا يقتضى الأتمية بل يقتضى ان يكون المشبه به على حد مقدار المشبه لا أزيد ولا أنقص ليتعين مقدار المشبه على ما هو عليه.
واما تقرير الحال فيقتضى الامرين جميعا لان النفس إلى الأتم والأشهر أميل فالتشبيه به بزيادة التقرير والتقوية أجدر (أو تزيينه) مرفوع عطفا على بيان امكانه أي تزيين المشبه في عين السامع (كما في تشبيه وجه اسود بمقلة الظبي أو تشويهه) أي تقبيحه (كما في تشبيه وجه مجدور بسلحة جامدة قد نقرتها الديكة) جمع ديك (أو استطرافه) أي عد المشبه طريفا حديثا بديعا (كما في تشبيه فحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب لابرازه) أي انما استطرف المشبه في هذا التشبيه لابراز المشبه (في صورة الممتنع) الوقوع (عادة) وان كان ممكنا عقلا ولا يخفى ان الممتنع عادة مستطرف غريب.
(وللاستطراف وجه آخر) غير الابراز في صورة الممتنع عادة (وهو ان يكون المشبه نادر الحضور في الذهن اما مطلقا كما مر) في تشبيه فحم فيه جمر موقد (واما عند حضور المشبه كما في قوله " ولا زوردية) يعنى البنفسج (تزهو) قال الجوهري في الصحاح زهى الرجل فهو مزهو إذا تكبر.
وفيه لغة أخرى حكاها ابن دريد زها يزهو زهوا (بزرقتها، بين الرياض على حمر اليواقيت،) يعنى الأزهار والشقائق الحمر.
(كأنها فوق قامات ضعفن بها * أوائل النار في أطراف كبريت) فان صورة اتصال النار بأطراف الكبريت لا يندر حضورها في الذهن ندرة حضور بحر من المسك موجه الذهب لكن يندر حضورها عند حضور صورة البنفسج فيستطرف بمشاهدة عناق بين صورتين متباعدتين غاية البعد.
(وقد يعود) أي الغرض من التشبيه (أي المشبه به وهو ضربان أحدهما ايهام
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»