مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٠١
القصد إلى ملاحة وظرافة دون استهزاء وسخرية بأحد فتمليح والا فتهكم وقد سبق إلى بعض الأوهام نظرا إلى ظاهر اللفظ ان وجه الشبه في قولنا للجبان هو أسد وللبخيل هو حاتم هو التضاد المشترك بين الطرفين باعتبار الوصفين المتضادين.
وفيه نظر لأنا إذا قلنا الجبان كالأسد في التضاد أي في كون كل منهما متضادا للآخر لا يكون هذا من التمليح والتهكم في شئ كما إذا قلنا السواد كالبياض في اللونية أو في التقابل ومعلوم انا إذا أردنا التصريح بوجه الشبه في قولنا للجبان هو أسد تمليحا أو تهكما لم يتأت لنا الا ان نقول في الشجاعة.
لكن الحاصل في الجبان انما هو ضد الشجاعة فنزلنا تضادهما منزلة التناسب وجعلنا الجبن بمنزلة الشجاعة على سبيل التمليح والهزؤ (وأداته) أي أداة التشبيه (الكاف وكأن).
وقد تستعمل عند الظن بثبوت الخبر من غير قصد إلى التشبيه سواء كان الخبر جامدا أو مشتقا نحو كأن زيدا أخوك وكأنه قدم وكأنك قلت وكأني قلت (ومثل وما في معناه) مما يشتق من المماثلة والمشابهة ومما يؤدى هذا المعنى (والأصل في نحو الكاف) أي في الكاف ونحوها كلفظ نحو ومثل وشبه بخلاف كأن وتماثل وتشابه (ان يليه المشبه به) لفظا نحو زيد كالأسد أو تقديرا نحو قوله تعالى " أو كصيب من السماء " على تقدير أو كمثل ذوي صيب (وقد يليه) أي نحو الكاف (غيره) أي غير مشبه به (نحو واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه) الآية إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء ولا بمفرد آخر يتحمل تقديره بل المراد تشبيه حالها في نضارتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات الحاصل من الماء يكون أخضر ناضرا شديد الخضرة ثم ييبس فتطيره الرياح كأن لم يكن ولا حاجة إلى تقدير كمثل ماء لان المعتبر هو الكيفية الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف واعتبارها مستغن عن هذا التقدير.
ومن زعم أن التقدير كمثل ماء وان هذا مما يلي الكاف غير المشبه به بناء على أنه محذوف فقدسها سهوا بينا لان المشبه به الذي يلي الكاف قد يكون ملفوظا به وقد
(٢٠١)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الجبن (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»