منه ذلك وهو حسن كما في المدارك وغيره فإن تصديق المالك في كتابة هذا العبد أو بيعه أو غير ذلك من التصرفات فرع إحراز مالكيته فمجرد صدور تصديق لمدعي الكتابة من شخص لم يعرف كونه مالكه لا يجدي في ثبوت دعواه فليتأمل ومن جملة المستحقين للزكاة الغارمون وهم لغة المديونون والمراد بهم هنا على ما صرح به المصنف وغيره الذين علتهم الديون في غير معصية أما جواز صرف الزكاة في الغارمين في الجملة فمما لا شبهة ولا خلاف فيه لكون الكاتب ناطقا به ولكن يقع الكلام في مواضع الأول لا خلاف على الظاهر في إشتراط عجز الغارم عن أداء دينه فلو كان متمكنا من ذلك عرفا بأن كان عنده ما يفي بديونه ومؤنته لم يقض عنه لمنافاته لأدلة شرع الزكاة وكونها موضوعة لسد خلة المحتاجين لا لصلة الأغنياء ويشهد له أيضا قوله صلى الله عليه وآله لا يحل الصدقة لغني مضافا إلى الاجماعات المستفيضة على إشتراط العجز في الغار ولكن عبائرهم المسوقة لبيان هذا الشرط في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكية مختلفة فعن جماعة منهم التصريح باعتبار العجز عن أداء الدين وعن آخرين منهم اعتبار الفقر وبين هذين العنوانين عموم من وجه إذ الفقير في عرفهم من لا يملك مؤنة سنته فعلا أو قوة فرب شخص له كسب أو ضيعة أو مال واف بمؤنته ولكن عليه ديون أو أرش جنايات يعجز عن أدائها ولا يطلق على مثل هذا الشخص في العرف ولا في اصطلاحهم اسم الفقير خصوصا إذا كان ما عليه من الديون من قبيل الغرامات والديات والكفارات التي ستعرف جواز الصرف من سهم الغارمين الهيم فلا يصدق على مثل هذا الشخص اسم الفقير ولكن يصدق عليه إنه عاجز عن وفاء ما عليه من الدين وقد يكون الامر بالعكس كما لو كان متمكنا من وفاء دينه بالمال المحتاج إليه في نفقته وحيث علم من فحاوي كلماتهم عدم الخلاف في جواز صرف هذا السهم من الزكاة في أداء دين من عجز عن أدائه وإن كان له مال أو كسب واف بمؤنته كشف ذلك عن إن مرادهم بالفقر الذي اعتبروه في هذا الباب مجرد الحاجة إلى إداء دينه وإن لم يكن فقيرا من حيث المؤنة فالشخص الغير المتمكن من أداء دينه إذا كان قادرا على مؤنته يجوز أداء دينه من سهم الغارمين لا من سهم الفقراء وربما يظهر من بعض منهم جواز الدفع إليه من سهم الفقراء بناء منه على إن القدرة على المؤنة المعتبرة في الغنى المقابل للفقر الموجب لاستحقاق الزكاة هي القدرة على المصارف اللازمة عليه التي من أهمها تفريغ ذمته عن الحقوق الواجبة عليه فما جرى ذكره في كلماتهم في تفسير الفقر بقصور ماله عن نفقته ونفقة من يجب نفقته عليه جار مجرى التمثيل أريد به مطلق المؤنة اللازمة عليه الشاملة لمثل الفرض فيكون الغارم على هذا أخص مطلقا من الفقير ومقابلته في الآية الشريفة يمكن أن يكون باعتبار أن أداء دين الفقير بنفسه من المصارف التي لا يتوقف صرف الزكاة فيه على قبول الفقير بل ولا على وجوده فإنه قد يكون الغارم ميتا فعلى هذا يجوز أن يدفع إلى الغارم القادر على مؤنته من سهم الفقراء أزيد من حاجته لما عرفت فيما سبق من أنه يجوز أن يعطى الفقير من الزكاة ما يزيد على غناه وهو لا يخلو من الاشكال ولكن لمانع أن يمنع إطلاق هذا الحكم بالنسبة إلى الفقير الذي ينحصر جهة فقره في جهة معينة لقصور ما دل على جواز إعطاء الزائد عن مؤنته عن شمول مثل الفرض كما لا يخفى على المتأمل ثم إنا إن قبلنا بأن النسبة بين الفقير والغارم العموم من وجه وإن الفقير هو من قصر ماله عن نفقة نفسه وعياله والغارم هو من كان عليه دين لا يتمكن من أدائه فمقتضاه أن من كان بالفعل مالكا لمؤنة سنته وكان عليه دين يتمكن من أدائه من هذا المال المحتاج إليه في نفقته ما لم يصرف ما عنده في وفاء دينه عدم جواز تناوله من الزكاة لا من سهم الغارمين لعدم كونه عاجزا عن أداء دينه ولا من سهم الفقراء لعدم كونه فقيرا بالفعل وقد حكى عن الحلي القول بذلك وربما يستشهد له أيضا بما عن مستطرفات سرائره نقلا عن كتاب المشيخة لابن محبوب عن أبي أيوب عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل منا يكون عنده الشئ يتبلغ به وعليه دين أيطعمه عياله حتى يأتيه الله بميسرة فيقضي دينه أو يستقرض على ظهره في جدب الزمان وشدة المكاسب أو يقضي بما عنده دينه ويقبل الصدقة قال يقضي بما عنده ويقبل الصدقة و استقرب العلامة في النهاية على ما حكي عنه جواز الدفع إلى المديون وإن كان عنده ما يفي بدينه إذا كان بحيث لو دفعه يصير فقيرا لانتفاء الفائدة في أن يدفع ماله ثم يأخذ الزكاة باعتبار الفقر في تعليله ما لا يخفى نعم قد يوجه جواز الدفع من سهم الغارمين في مثل الفرض بأن المراد بعجزه عن أداء دينه هو العجز العرفي بأن لم يكن عنده زائدا عما يحتاج إليه في نفقته اللازمة عليه ما يصرفه في دينه فهذا الشخص غير متمكن من أداء دينه عرفا كما أومى إليه في المدارك فإنه بعد أن ذكر ما حكيناه عن العلامة قال ومقتضى كلامه إن الاخذ والحال هذه يكون من سهم الغارمين وهو غير بعيد لاطلاق الآية وصدق عدم التمكن من أداء الدين عرفا بذلك إنتهى وهو جيد إذ غاية ما يمكن إدعائه انصراف إطلاق الآية بواسطة المناسبات المغروسة في الذهن أو صرفه بإجماع ونحوه إلى الغارمين العاجزين عن القيام بنفقتهم وأداء ديونهم لا غير المتمكن مطلقا ولو بصرف ما يحتاج إليه في نفقته وأما الرواية فهي غير دالة على المدعي إذ الظاهر أن محط النظر في السؤال هو إن من عنده مال محتاج إليه في نفقته وعليه دين فهل هذا المال كقوت يومه وليلته مستثنى عما يجب صرفه في أداء دينه أم لا وعلى تقدير العدم فهل هو بعد الصرف يندرج في موضوع الفقراء والمساكين الذين يحل لهم قبول الصدقة أم عليه تحصيل نفقته بالاستقراض والمكاسب الشديدة فلا دخل له بمسألة إنه هل يجوز له قبل صرف هذا المال في نفقته أو بعده أداء دينه من سهم الغارمين كما لا يخفى على المتأمل الثاني إذا لم يملك المديون شيئا إلا إنه رجل كسوب يتمكن من قضاء دينه من كسبه فعن نهاية الاحكام احتمال الاعطاء بخلاف الفقير والمسكين لان حاجتهما تتحقق يوما فيوما والكسوب يحصل في كل يوم ما يكفيه في ذلك اليوم وحاجة الغارم حاصلة في الحال لثبوت الدين في ذمته وإنما يقدر على ما يقضي به الدين على التدريج واحتمال المنع تنزيلا للقدرة على التكسب منزلة القدرة على المال أقول احتمال المنع أقوى فإن حال الكسوب الوافي كسبه بمؤنته ودينه على التدريج لدى العرف ليس إلا كحال الملي الغير المتمكن من وفاء ديونه إلا على سبيل التدريج ولا يرى العرف مثل هذه الاشخاص مندرجا في موضوع الغارمين الذين وضع لهم الزكاة فإن العرف لا يرى مثل هذه الاشخاص محتاجا إلى تناول الصدقات لأداء ديونهم وإن رئيهم عاجزين بالفعل عن أدائه فإن العجز عن تعجيل الأداء غير العجز عن أصله والمنساق من أية الصدقة فضلا عن غيرهما من الأدلة إنما هو جواز صرفها في أداء دين الغارمين الذين ليس لهم بالفعل أو بالقوة مال يفي بغرمهم فالمحترف المتمكن من أداء دينه
(٩٨)