مع ما فيها من الارسال ولذا قال المصنف رحمه الله وفيه تردد نعم يجوز دفع الزكاة لمن لزمته كفارة وليس عنده ما يكفر به من باب فقره وعن المصنف في المعتبر إنه جوز إعطائه من سهم الغارمين أيضا لان القصد بذلك إبراء ذمته عما في عهدته وهو على إجماله لا يخلو من وجه غير خال من التأمل مع أن الدفع إليه من حيث الفقراء ومن باب كونه غارما أجنبي عن المدعى ولا مدخلية له بمدلول الرواية المزبورة كما لا يخفى والمكاتب إنما يعطى من هذا السهم إذا لم يكن معه ما يصرفه في كتابته أما على القول باختصاص الرقاب بالأصناف الثلاثة أو الأربعة المذكورة في المتن التي ورد فيها بالخصوص فواضح بل قد عرفت إن المتجه الاقتصار على صورة عجز المكاتب عن إداء مال الكتابة وعدم كفاية مجرد عدم كونه بالفعل واجدا للمال وأما على ما نفينا البعد عنه من عدم اختصاص الرقاب بما ذكر فلا انصراف إطلاق الرقاب إلى الرقاب المحاجين في فكاكها إلى الزكاة لأجل المناسبة المغروسة في الذهن من أدلة شرع الزكاة وإنها لدفع الضرورة وحاجة المحتاجين مضافا إلى إطلاق قوله صلى الله عليه وآله لا يحل الصدقة الغني الغير القاصر عن مثل الفرض وقياسه على المؤلفة قلوبهم والعاملين عليها في عدم اعتبار الفقير فيهم حيث جعلا في الآية قسيما للفقراء والمساكين قياس مع الفارق فإن مناط جواز الصرف في هذين الصنفين التأليف والعمل لا الفقر والاحتياج وكونه كذلك موجب لانصراف قوله (ع) لا يحل الصدقة لغني عنهما بخلاف من عداهما من الأصناف ومن هنا قد يتجه ما عن الشهيد في البيان من اعتبار قصور كسبه عن مال الكتابة لأنه عند وفاء كسبه لحاجته يندرج في المحترف الذي لا يحل الصدقة له والأظهر عدم توقف الاعطاء على حلول النجم وقيل لا يجوز قبله لانتفاء الحاجة في الحال وهو ضعيف إذ لا يعتبر في صدق الاحتياج وعدم الغنى عن الشئ حلول وقت الحاجة إلى استعماله كما لا يخفى. تنبيه: في المدارك نقل عن المنتهى إنه قال ويجوز الدفع إلى السيد بإذن المكاتب والى المكاتب بأذن السيد وبغير إذنه واستحسنه ثم قال بل لا يبعد جواز الدفع إلى السيد بغير إذن المكاتب أيضا لعموم الآية إنتهى وهو جيد بل لعله هو المنساق من قوله صلى الله عليه وآله في المرسل المتقدم يؤدي عنه من مال الصدقة ثم إن مقتضى ظاهر النص والفتوى إن الزكاة التي تصرف في إداء مال الكتابة يتعين صرفها في هذا الوجه سواء أعطيت بيد المولى أو بيد العبد ليفك بها رقبته ولا يملكها العبد بقبضها ملكا مطلقا بحيث لو فرض حصول العتق بدونه لبقي المال في ملكه بل ترتجع منه في مثل الفرض على الأشبه لأنها لم تصرف في الرقاب والعبد لا يعطى من الزكاة شيئا إلا في فكاك رقبته نعم لو بقي عنده أو في ذمته وكان فقيرا بعد الانعتاق جاز احتسابه عليه حينئذ من سهم الفقراء كما هو واضح وقد ظهر بما ذكر إنه لو صرفه في غيره والحال هذه أي دفع إليه من هذا السهم ولم يكن معه ما يصرفه في الكتابة ولكن لم يصرفه فيها بل صرفه في غيرها جاز ارتجاعه لأنه لم يوضع في موضعه وقيل لا يجوز وهذا القول منقول عن الشيخ بناء منه على إنه يملكه بالقبض فله التصرف فيه كيف يشاء و هو محجوج بما عرفت مضافا إلى ما عن المصنف وغيره من إن للمالك الخيار في صرف الزكاة في الأصناف وقد رخصه في الصرف إلى جهة خاصة فليس له التخطي عنه وفي معنى أدائه في مال الكتابة صرفه فيما يستعان به على الأداء لأنه صرف في فك الرقبة فلو تعذر الفك ارتجع ممن وصل إليه كما صرح به شيخنا المرتضى (ره) لانكشاف إن وصوله إليه كان وضعا للزكاة في غير موضعها اللهم إلا إن يقال إنه يكفي في صدق الصرف في الرقاب المنساق من الآية الصرف فيما يتوصل به على فكاكها بقصد التوصل به إليه وإن تخلف ذلك عن حصول المقصود فليتأمل ولو دفع إليه من سهم الفقراء أي باعتبار كونه فقيرا لم يرتجع إذ الفقير يملك ما يصرف إليه من الزكاة وله إن يتصرف فيه كيف يشاء ولا يحتكم عليه فيما يأخذه من الزكاة إجماعا كما ادعاه غير واحد فهذا مما لا شبهة فيه بناء على جواز صرف الزكاة إليه بهذا الوجه وجواز تصرف المكاتب فيما يملكه كيف يشاء وفي كلتا المقدمتين نظر أما الأخيرة فلمنافاته لما ذكروه في أحكام المكاتب من عدم جواز الاستبداد بالصرف فيما يملكه فيما عدى الصرف في مال كتابته فما يملكه المكاتب لا يصير ملكا مطلقا بل مربوطا بسيده ومن كان هذا شأنه يشكل دفع حق الفقير إليه حيث إنه لا يقدر على صرفه فيما يفتقر إليه وإما الأولى فلمخالفته لما يقتضيه إطلاق قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ليس في مال المملوك شئ ولو كان له ألف ألف ولو احتاج لم يعط من الزكاة شيئا وقوله عليه السلام في ذيل موثقة إسحاق المتقدمة في أوائل مسألة إشتراط الحرية في وجوب الزكاة ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا وهو بإطلاقه شامل للمكاتب ولذا لم نقل بوجوب الزكاة عليه في كسبه نعم يجوز الانفاق عليه لدى اضطراره إليه من سهم في سبيل الله بناء على شموله لمطلق القربات كما سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى إذ المنساق من النهي من إعطائه من الزكاة شيئا إرادته على سبيل التمليك لا مطلقا بحيث يتناول الصرف فيه من باب الحسبة فليتأمل ولو ادعى إنه كوتب فإن علم صدقه أو أقام بينة فلا بحث وإلا فإن كذبه سيده لم يقبل قوله بدونهما كما صرح به في الجواهر وغيره للأصل وإن لم يعلم حال السيد من تصديق أو تكذيب قيل يقبل قوله وقيل لا يقبل إلا بالبينة أو يحلف وهذا القول لم نعرف قائله نعم في المدارك نقل عن بعض العامة القول بعدم قبوله إلا بالبينة من غير تعرض للحلف وقواه ووافقه في ذلك بعض من تأخر عنه وأما القول الأول فقد نسبه في المدارك إلى الأكثر وأختاره المصنف صريحا في الكتاب وغيره فقال والأول أشبه وعلله في محكي المعتبر ومثله العلامة في التذكرة والمنتهى على ما حكي عنهما بأنه مسلم أخبر عن أمر ممكن فيقبل قوله بأصالة العدالة الثابتة للمسلم وفيهما ما عرفته في مسألة مدعي الفقر فالقول بعدم القبول إلا بالبينة كما قواه في المدارك وغيره أشبه بالقواعد ولو صدقه مولاه قبل قوله بلا خلاف كما في الجواهر بل في المدارك نسبته إلى قطع الأصحاب وربما علل ذلك بأن الحق له فيقبل إقراره فيه وفيه إن هذا لا يقتضي إلا نفوذ إقراره في حق نفسه لا حجية قوله بالنسبة إلى ما يتعلق بعمل الغير أو فيما يعود إلى مصلحته كعدم استحقاقه للنفقة منه أو استحقاقه الاخذ من الزكاة إلى غير ذلك مما هو من أثار الحجية كما لا يخفى وأنما العمدة في ذلك إن أخبار المالك بالتصرفات المتعلقة بملكه المنوط باختياره من مثل البيع والإجارة والكتابة ونظائرها مقبول في الشرع والعرف لا المحض كونه إقرارا في حق نفسه بل من حيث كونه أخبارا ممن له الولاية على شئ عما يتعلق بولايته ويدخل تحت سلطنته وهي قاعدة مطردة ما لم يعارضها إنكار كما لا يخفى على من لاحظ سيرة أهل العرف والشرع في مواردها فما عن الشافعي من منع القبول لامكان تواطئهما على ذلك ضعيف وحكي عن الشيخ القول بأن الأول أي القبول أولى فيمن عرف أن له عبدا والثاني أي عدم القبول أحوط فيمن لم يعلم
(٩٧)