الاسلام فيكون النصيب باقيا مع وقوع ذلك التقدير وكذا يسقط سهم السعاة بناء على انحصارهم فيمن نصبهم الامام وكذا سهم المؤلفة بناء على اختصاصهم بالكفار الذين يستمالون إلى الجهاد لا على التقدير الذي أشير إليه ويقتصر بالزكاة على بقية الأصناف أو المصالح التي لا يتوقف شرعيتها على إذن الإمام كما هو واضح ومن جملة الأصناف ابن السبيل وهو على ما في المتن وغيره المنقطع به في سفره بذهاب نفقته أو نفاذها أو تلف راحلته أو نحو ذلك بل هذا هو المنساق عرفا من إطلاقه عند الامر بصرف الصدقات فيه ويدل عليه مضافا إلى ذلك ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن العالم (ع) قال وأبن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة الله فيقطع عليهم ويذهب ما لهم فعلى الامام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات والمراد بكون السفر في طاعة الله على الظاهر ما يقابل سفر المعصية فيعم المباح أيضا نظير ما ورد في تفسير الغارمين من أن يكون دينهم في طاعة الله فما في الحدائق من الاستشكال في السفر المباح نظرا إلى ظهور الرواية في كونه طاعة مع اعترافه بمخالفته للمشهور بل عدم وجدانه القائل به عدى ما نقل عن ابن الجنيد من أنه قيد الدفع بالمسافرين في طاعة الله لعله في غير محله بل قد يغلب على الظن أن ابن الجنيد أيضا لم يقصد بهذا التقييد إلا الاحتراز عن سفر المعصية و كيف كان فلا ينبغي الارتياب في عدم اعتبار هذا الشرط في مفهوم ابن السبيل وفي حكمه أي جواز صرف الصدقة فيه لمنافاته لما يقضيه أدلة شرع الزكاة من كونها موضوعة لسد خلة الفقراء ورفع حاجة المحتاجين بل لولا أنه جعل ابن السبيل في الآية قسيما للفقراء لكنا نلتزم باندراج المنقطعين في سفرهم في الفقراء وإن انصرف عنهم إطلاق اسم الفقير ضرورة أن مناط استحقاق الصدقات على ما يستفاد من أدلتها هو الفقر والاحتياج لا كونه مندرجا في مسمى اسم الفقير عرفا هذا مع أنه لم يتحقق الخلاف فيه من أحد فلا ينبغي الاستشكال فيه ثم أنه قد نقل عن ابن الجنيد والشهيد في الدروس واللمعة القول باندراج مريد السفر الذي ليس له نفقة السفر في ابن السبيل وفيه منع صدق ابن السبيل عرفا على من لم يتلبس بعد بالسفر نعم من لم يكن عنده مؤنة السفر لو تكلف وسافر اندرج بعد مسافرته في موضوع ابن السبيل الذي وضع له السهم من الزكاة إذ لا يشترط في صحة هذا الاطلاق حدوث الفقر والاحتياج بعد تلبسه بالسفر بل ثبوته فيه ولو من حين تلبسه بالسير وكيف كان فالقول بجواز الصرف من هذا السهم في مريد السفر الذي ليس له نفقته ضعيف وقياس مريد السفر من وطنه على مريد الخروج من موضع الإقامة حيث أنه يجوز إعطائه من سهم ابن السبيل مع انقطاع سفره بإقامة العشرة قياس مع الفارق فإن كون الإقامة أو البقاء ثلاثين يوما في مكان مترددا قاطعة للسفر شرعا لا يوجب صيرورة محل الإقامة وطنه حقيقة حتى يخرج بذلك المسافر الذي عزمه الرجوع إلى وطنه عند بقائه في بلد شهرا أو شهرين فما زاد عن موضوع ابن السبيل خصوصا إذا كان توقفه في ذلك المكان مسببا عن نفاذ زاده وراحلته وعدم تمكنه من المسافرة عنه فإن هذا يؤكد كونه ابن السبيل عرفا ومن هنا يظهر أيضا ضعف ما حكي عن غير واحد من الحاق موضع الإقامة ببلده في عدم كونه ابن ما لم يسافر عنه إذ العرف أعدل شاهد بالفرق بينهما وإن إقامة العشرة فما زاد غير منافية لصدق اسم ابن السبيل بل ربما تكون مؤكدة له كما تقدمت الإشارة إليه وكيف كان فالمدار في استحقاقه من هذا السهم احتياجه في غربته ولو كان غنيا في بلده وعلى هذا التقدير هل يشترط عدم تمكنه من الاستدانة أو بيع شئ من أمواله مثلا كما صرح به في الجواهر أم يعتبر عجزه عن التصرف في أمواله ببيع ونحوه دون الاستدانة كما قواه في المدارك أم لا يعتبر العجز عن شئ منهما كما حكاه في المسالك عن المعتبر ونفي عنه البعد فقال في المسالك وهل يشترط عجزه عن الاستدانة على ما في بلده أو عن بيع شئ من ما له فيه ونحوه الظاهر ذلك ليتحقق العجز ولم يعتبره المصنف في المعتبر وليس ببعيد عملا بإطلاق النص والذي ينبغي أن يقال أنه إن كانت الاستدانة أو التصرف في أمواله بالبيع ونحوه أمرا ميسورا له كأغلب التجار المعروفين في البلاد النائية فمثل هذا الشخص لا يعد من أرباب الحاجة إلى الصدقة بل ولا ابن سبيل في العرف وبحكمه القوي السوي المتمكن من الاكتساب في الطريق بما يناسب حاله وشأنه أما لو كانت الاستدانة أو البيع ونحوه أمرا حرجيا بحيث لا يتحمله إلا عن الجاء واضطرار فلا يكون القدرة عليهما مانعة عن الاستحقاق إذ لا يؤثر مثل هذه القدرة في خروجه عن حد الفقر عرفا وكذا الضيف إذا كان في سفره وكان محتاجا إلى الضيافة فيجوز أن يطعمه من هذا السهم وتخصيصه بالذكر مع أنه من أفراد ابن السبيل الذي يشترط فيه الفقر والحاجة لوقوع التعرض له في كلمات الأصحاب ونسبته في كلماتهم إلى رواية والأصل فيه ما عن المفيد في المقنعة قال وأبن السبيل وهم المنقطع بهم في الاسفار وقد جاءت رواية أنهم الأضياف يراد به من أضيف لحاجة إلى ذلك وأن كان له في موضع آخر غنى ويسار وذلك راجع إلى ما قدمناه ولكن أطلق غير واحد منهم لفظ الضيف وقيده بعضهم بالحاجة دون السفر وكيف كان فلا دليل على دخول الضيف من حيث هو في ابن السبيل والرواية المزبورة مع ما فيها من الارسال مجهولة المتن فلعل في متنها ما يشهد بإرادة المنقطع في السفر المحتاج إلى الضيافة كما يفهمه المفيد (ره) فهي على تقدير حجيتها أيضا لا تثبت أزيد من ذلك والله العالم ولا بد أن يكون سفرهما مباحا فلو كان معصية لم يعط في المدارك قال لا خلاف بين العلماء في عدم جواز الدفع إلى المسافر من سهم ابن السبيل إذا كان سفره معصية لما في ذلك من الإعانة على الاثم والعدوان إنتهى يدل عليه مرسلة علي ابن إبراهيم المتقدمة بالتقريب المتقدم وأما الاستدلال عليه بما فيه من الإعانة على الاثم والعدوان كما في المدارك وغيره فأنما يتجه لو قلنا باختصاص المنع في السفر إلى غاية محرمة بما لو دفعه إليه في ذهابه لا في إيابه الذي بنفسه ليس بحرام مع أن مقتضى إطلاق النص وفتاوى الأصحاب عدم جواز الدفع في الاياب أيضا إذا عد عرفا من تتمة سفره الذي قصد به الغاية المحرمة مع أنه ليس فيه إعانة على الاثم والعدوان اللهم إلا أن يقال بأن فيه أيضا تشييدا للظالم وتقريرا له على ظلمه وفسقه وهو مناف لما بني عليه شرع الزكاة من كونها عونا للفقراء والمساكين دون الظلمة وقطاع الطريق ونظائرهم ممن يسعون في الأرض للفساد فلا ينصرف إليهم إطلاقات أدلتها وهو لا يخلو من وجه فيتأمل وكيف كان فلو أستقل رجوعه بالملاحظة عرفا كما لو أرتدع عن قصده في أثناء الطريق فرجع أو ندم على عمله وتاب جاز الدفع إليه حينئذ لعدم كونه بالفعل متلبسا بسفر المعصية عرفا ولا يشترط التلبس بالضرب فلو تاب ورجع عن قصد المعصية إلى الطاعة
(١٠٣)