يكون مصروفا في المعصية فيكون الصرف في المعصية لدى التحليل مانعا عن الاستحقاق ولذا وقع التعبير عن هذا الشرط في خبر الحسين بن علوان المتقدم بقوله عليه السلام إذا استدانوا في غير إسراف وفي خبر الكتاني قيد الدين بأن لم يكن في فساد ولا إسراف وفي الخبر المروي عن تفسير علي بن إبراهيم أيضا شهادة بذلك كما لا يخفى على المتأمل وربما يؤيده أيضا ما عن الكافي مرسلا عن أبي عبد الله قال الامام يقضي عن المؤمنين سائر الديون ما خلا مهور النساء في غير إسراف وعنه أيضا في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي وترك دينا لم يكن بمفسد ولا مسرف ولا معروف بالمسألة هل يقضى عنه من الزكاة الألف والألفان قال نعم إلى غير ذلك من الروايات المشعرة به فلا ينبغي الارتياب في أن الشرط هو عدم كونه مصروفا في المعصية وهو موافق للأصل والظاهر كما هو ظاهر وقد ظهر بما ذكر إن ما ذهب إليه المشهور من جواز الدفع إلى من لم يعلم فيما ذا أنفقه هو الأشبه كما يؤيده أيضا بل بشهد له الأخبار الواردة في جواز قضاء ديون أبيه أو غيره من المؤمنين الأموات والاحياء من الزكاة من غير تقييد بالعلم بكونها في طاعة أو عدم كونها في معصية مع قضاء العادة بالجهل بمصرف ديون الغير في الغالب خصوصا الديون المتخلفة عن الميت فلو كان العلم بحالها شرطا في جواز الصرف لم يجز الرخصة في قضائها من الزكاة على الاطلاق كما لا يخفى على المتأمل. تنبيه: في المدارك نقل عن العلامة (ره) أنه ذكر في التذكرة والمنتهى إن الغارمين قسمان أحدهما المديون لمصلحة نفسه وحكمه ما سبق والثاني المديون لاصلاح ذات البين بين شخصين أو قبيلتين بسبب تشاجر بينهما أما لقتيل لم يظهر قاتله أو إتلاف مال كذلك وحكم بجواز الدفع إلى من هذا شأنه مع الغنى أو الفقر ولم ينقل في ذلك خلافا واستدل عليه بعموم الآية الشريفة السالم من المخصص وبما روي عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لا تحل الصدقة لغني إلا لخمس وذكر رجلا تحمل حمالة وبان تحمله وضمانه إنما يقبل إذا كان غنيا فأخذه في الحقيقة إنما هو لحاجتنا إليه فلم يعتبر فيه الفقر كالمؤلفة ويجوز الشهيد في البيان صرف الزكاة في إصلاح ذات البين ابتداء وهو حسن إلا أنه يكون من سهم سبيل الله لا من سهم الغارمين إنتهى ربما نسب القول بجوز الصرف من سهم الغارمين إلى من تحمل دية لاصلاح ذات البين وإن كان غنيا إذ لم يؤدها من ماله سواء استدان فأداها أم لم يؤدها بعد إلى الشيخ ومن تأخر عنه أقول أما جوز صرفها ابتداء في إصلاح ذات البين من سهم سبيل الله بناء على شموله مطلق القربات فمما لا إشكال فيه وأما من سهم الغارمين فهو بحسب الظاهر مما لا وجه له لانتفاء موضوعه إذ لا غرم هاهنا في الفرض وأما جواز صرفها إلى الغني الذي تحمل دية أو ما لا تالفا لاصلاح ذات البين ففي غاية الاشكال اللهم إلا أن يكون توليه لهذا الفعل بقصد استيفاء المال من وجوه الصدقات وقلنا بأن له الولاية على ذلك من باب الحسبة كما ليس بالبعيد فيجوز حينئذ استفائه من سهم سبيل الله بناء على شموله لمطلق القربات وأما لو كان غرضه من أول الأمر الأداء من ما له تبرعا فالتزم بذلك فلم يؤدها بعد أو استدان فأداها إشكال إدراجه في الأصناف المستحقين للزكاة و الاستدلال بعموم الآية الشريفة بعد تسليم صدق الغارم عرفا ولغة على مطلق المديون وإن كان غنيا متمكنا من أداء دينه لا خصوص من علاه الدين أي صار غالبا عليه مدفوع بما تقدمت الإشارة إليه من أن المتعين صرف إطلاقه لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته لأجل المناسبات المغروسة في الذهن إلى المحتاجين في أداء دينهم إلى تناول الصدقات ولذا لم يقع الخلاف فيه فيما إذا كان الدين لمصلحة نفسه وكونه لمصلحة عامة إن كان فارقا فمن حيث كونه مصروفا في القربات لا من حيث كونه غارما وأما الرواية المزبورة فهي غير ثابتة من طرقنا والذي ورد من طرقنا أنه لا تحل الصدقة لغني ولا لمتحرف سوى من غير استثناء فلا حظ ولو كان للمالك دين على الفقير جاز أن يقاصه به من الزكاة وهو مما لا خلاف فيه كما أعترف به في الحدائق و غيره ويدل عليه مضافا إلى القواعد العامة أخبار خاصة منها ما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا الحسن الأول عليه السلام عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه وأحتسب به عليهم من الزكاة قال نعم وعن عقبة بن خالد قال دخلت أنا و المعلى وعثمان بن عمران على أبي عبد الله عليه السلام فلما رآنا قال مرحبا بكم وجوه تحبنا ونحبها جعلكم الله معنا في الدنيا والآخرة فقال له عثمان جعلت فداك فقال له أبو عبد الله عليه السلام نعم فمه قال أني رجل موسر فقال له بارك الله لك في يسارك قال ويجيئ الرجل فيسألني الشئ وليس هو أبان زكاتي فقال له أبو عبد الله عليه السلام القرض عندنا بثمانية عشر والصدقة بعشر وما ذا عليك إذا كنت كما تقول موسرا أعطيته فإذا كان أبان زكاتك أحتسب بها من الزكاة يا عثمان لا ترده فإن رده عند الله عظيم الحديث وفي الموثق عن سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل يكون له الدين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال إن كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجوا أن يأخذ منه ما له عنده فلا بأس إن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها فإن لم يكن عند الفقير وفاء ولا يرجوا أن يأخذ منه شيئا فليعطه من زكاته ولا يقاصه بشئ من الزكاة وما في هذه الرواية من التفصيل كالأمر بالاعطاء من زكاته لخصوص هذا الشخص الذي بلغ فقره إلى حد اليأس من قدرته على الأداء محمول على الاستحباب والمراد بمقاصته به من الزكاة على ما فسره في المدارك و غيره هو احتسابه عليه من الزكاة الواجبة عليه وعن الشهيدين تفسير المقاصة باحتسابها على الفقير أي عدها ملكه ثم أخذها مقاصة من دينه وهذا المعنى أوفق بظاهر اللفظ إن استبعده بعضهم وكيف كان فلا بأس بها بكلا المعنيين كما يومي إليه قوله عليه السلام في الخبر الأخير فلا بأس أن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها وكذا لو كان الغارم ميتا جاز أن يقضى عنه وأن يقاص به من الزكاة بلا خلاف فيه على الظاهر بل في المدارك قال أتفق علمائنا وأكثر العامة على إنه يجوز للمزكي قضاء الدين عن الغارم من الزكاة بأن يدفعه إلى مستحقه ومقاصته بما عليه من الزكاة ويدل عليه ما عن الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عالم فاضل توفي وترك عليه دينا لم يكن بمفسد ولا مسرف ولا معروف بالمسألة هل يقضى عنه من الزكاة ألف وألفان قال نعم وعن يونس بن عمار وقال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر إن أيسر قضاك وإن مات قبل ذلك أحتسب به من الزكاة وفي الحسن أو الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل حلت عليه الزكاة ومات أبوه وعليه دين أيؤدي زكاته في دين أبيه وللابن مال
(١٠٠)