وإلا لعارضه غيره من الاخبار كما لا يخفى وربما نسب تفسير سبيل الله بخصوص الجهاد إلى مذهب العامة الاخبار وإيماء إليه مثل خبر يونس بن يعقوب المروي عن الكافي قال إن رجلا كان بهمدان ذكر إن أباه مات وكان لا يعرف هذا الامر فأوصى بوصية عند الموت وأوصى أن يعطي شئ في سبيل الله فسئل عنه أبو عبد الله عليه السلام كيف يفعل به فأخبرناه بأنه كان لا يعرف هذا الامر فقالوا إن رجلا أوصى إلي أن أضع في يهودي أو نصراني لوضعته فيهما إن الله عز وجل يقول فمن بدله من بعد ما سمعه فإنما أثمه على الذين يبدلونه فأنظر ما يخرج إلى هذا الوجه يعني بعض الثغور فابعثوا به إليه إذ المتبع في باب الوصية هو عرف الموصي وقصده مع إمكان أن يكون تخصيص هذا الوجه بالذكر لكونه أحد المصاديق وأفضلها إلا لتعينه بالخصوص ولو عند الموصى وكيف كان فلم نقف على ما يصلح مستندا لتفسيره بخصوص الجهاد ودعوى أن المتبادر منه خصوص الجهاد غير مسموعة فالقول بانحصاره فيه ضعيف بل هو عام لكل فعل يكون وسبيله إلى رضوان الله وثوابه أي جميع سبل الخير كما وقع التصريح به فيما روى عن العالم في تفسيره ولكن في المدارك بعد أن اختار ما قويناه من عمومه لكل ما فيه وسيلة إلى الثواب قال وأعلم إن العلامة قال في التذكرة بعد أن ذكر إنه يدخل في سهم سبيل الله معونة الزوار والحجيج وهل يشترط حاجتهم إشكال ينشأ من اعتبار الحاجة كغيره من أهل السهمان ومن اندراج إعانة الغني تحت سبيل الخير وجزم الشارح باعتبار الحاجة بل باعتبار الفقر فقال ويجب تقييد المصالح بما لا يكون فيه معونة الغني مطلق بحيث لا يدخل في شئ من الأصناف الباقية فيشترط في الحاج والزائر الفقر وكونه ابن سبيل أو ضيفا والفرق بينهما حينئذ وبين الفقير لا يعطى الزكاة ليحج بها من جهة كونه فقيرا ويعطى لكونه في سبيل الله وهو مشكل لان فيه تخصيصا لعموم الأدلة من غير دليل والمعتمد جواز صرف هذا السهم في كل قربة لا يتمكن فاعلها من الاتيان بها بدونه وإنما صرنا إلى هذا التقييد لان الزكاة إنما شرعت بحسب الظاهر لدفع الحاجة فلا تدفع مع الاستغناء عنها ومع ذلك فاعتباره محل تردد إنتهى ما في المدارك أقول ومما يؤيد أيضا اعتبار الحاجة فيمن ينصرف إليه هذا السهم مضافا إلى الأدلة الدالة على أن الزكاة في الأصل موضوعة لرفع حاجة المحتاجين وسد خلتهم وإن الله تعالى شرك بين الأغنياء والفقراء في أموالهم فليس لهم أن يصرفوها في غير شركائهم عموم قوله صلى الله عليه وآله لا تحل الصدقة لغني وقد أشرنا مرارا إلى أن المراد بالغني في مثل هذه الرواية هو غير المحتاج لا ما يقابل الفقير الذي لا يملك قوت سنته وخصوص مرسلة علي بن إبراهيم المتقدمة الواردة في تفسير الآية فإنها تدل على اعتبار الحاجة فيمن يخرج إلى الجهاد أو يريد الحج ولكن مع ذلك الالتزام بهذا التقييد لا يخلو من إشكال بعد أن جعل في سبيل الله في الكتاب العزيز بنفسه مصرفا مستقلا للصدقات في مقابل الفقراء والمساكين وأما قوله صلى الله عليه وآله لا يحل الصدقة لغني فالمنساق منه نفي حليتها له على حسب حليتها للفقير بأن يتناولها ويصرفها في مقاصده كيف يشاء فلا ينافيه جواز دفعها إلى الغني ليصرفها إلى جهة معينة من وجوه البر فليتأمل وأما الرواية الواردة في تفسيره فمن الغض عن سندها يمكن الخدشة في دلالتها بأن الظاهر أن مؤنة الجهاد والحج المذكورتين من باب التمثيل بالفرد الواضح وإلا فقد وقع في ذيل الرواية عطف جميع سبل الخير عليهما من غير تقييده بشئ مع أن اعتبار العجز في المجاهد مما لم ينقل الالتزام به عن أحد وقد صرح المصنف (ره) وغيره بل أدعى غير واحد الاتفاق على أن الغازي يعطى من هذا السهم وإن كان غنيا قدر كفايته على حسب حاله أي شرفا وضعة وقرب المسافة وبعدها وغير ذلك بل في المدارك هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب وربما عللوه مضافا إلى عموم الآية بالنبوي لا تحل الصدقة لغني الا لثلاثة وعد منها الغازي ولكن يحتمل قويا أن يكون المراد بالغني في المتن وغيره ما يقابل الفقير الذي هو أحد الأصناف أي كونه مالكا لقوت سنته فلا ينافيه اعتبار الحاجة إلى نفقة الحج والجهاد في جواز الصرف من الزكاة كما ربما يومي إليه تقديره بقدر كفايته على حسب حاله فإن هذا إنما يناسب اعتبار احتياجه إلى ما يصرف إليه وإلا لكان الأولى مراعاة حاله من حيث القوة والشوكة وكونه فارسا أو راجلا أو غير ذلك مما له دخل في أمر الجهاد فالانصاف إن الالتزام بجواز صرفه إلى ما كان معونة لغني وإن كان أوفق بما يقتضيه إطلاق سبيل الله ولكنه في غاية الاشكال ولكن لا يخفى عليك إن صرف الزكاة في معونة الزوار والحجيج والغزاة يتصور على أنحاء أحدها أن يكون ما يصرفه إليهم بمنزلة الأجرة على علمهم كما لو لم يكن لمن يباشر العمل بنفسه داع إلى فعل الحج أو الجهاد ونحوه ولكن رأي المتولي المصرف المصلحة في إيجاد هذه الأفعال من باب تشييد الدين أو تعظيم الشعائر أو غير ذلك من المصالح فبعثهم على الفعل يجعل الأجرة لهم أو بذل النفقة عليهم من الصدقات على أن يعملوا هذا العمل الثاني أن يصرفه فيمن يريد بنفسه الحج والجهاد فيعينه ببذل الزاد والراحلة والسلاح ونحوها الثالثة ما يصرفه في التسبيلات العامة من مثل المضايف والسقايات الواقعة في الطرف التي يأكل ويشرب منها عامة المستطرفين أما القسم الأول والثالث فلا ينبغي الاستشكال في عدم إشتراط الفقر والجاجة فيمن يتناوله فإن مصرف الزكاة في هذين القسمين في الحقيقة هي نفس تلك المصالح التي صرف الزكاة فيها لا خصوص الاشخاص الذين وصل إليهم شئ منها وأما القسم الثاني الذي هو في الحقيقة صرف إلى من يعمل الخيرات لا في نفس علم الخير و إن كان هذا الصرف أيضا باعتبار كونه إعانة على البر والتقوى يعد من السبيل فهذا هو الذي وقع فيه الاشكال على تقدير عدم كون المصروف إليه محتاجا إلى تناوله والاحتياط فيه مما لا ينبغي تركه بل لا يبعد الالتزام بشمول لا تحل الصدقة لغني لمثله والله العالم وكيف كان فلا خلاف على ما أعترف به في الجواهر في أنه إذا غزى لم يرتجع ما بقي منه عنده بل عن التذكرة أنه موضع وفاق بين العلماء لان المتولي للصرف أما أن يدفعه إليه على أن يعمل هذا الفعل فيكون بمنزلة الأجرة على عمله فلا مقتضى حينئذ لرده بعد أن عمل العمل الذي شرط عليه وأما أن يدفعه إليه على أن يكون نفقته في سفره والعادة قاضية بأن من يقصد إعانة الحجيج والزوار يبذل الزاد والمصرف لا يقيد إعطائه بالصرف في نفقته بحيث لو زاد منه شئ لرده إليه نعم لو دفعه إليه بهذا القيد وجب عليه رد الزائد حيث أن من له الولاية على الصرف لم يرخصه في الصرف إلا مقيدا بهذا القيد وأن لم يغز أستعيد لأنه إنما دفعه إليه باعتبار كونه غازيا فما لم يندرج في الموضوع الذي قصده لا يستحقه وإذا كان الإمام (ع) مفقودا كما في زمان التقية أو الغيبة سقط نصيب الجهاد إذ لا يشرع بلا إذنه صرف سهم سبيل الله في سائر المصالح أما على ما اخترناه من عموم سبيل الله للمصالح فواضح وأما على القول باختصاصه بالجهاد فينبغي سقوطه رأسا ولكن قد يمكن وجوب الجهاد مع عدم حضوره أيضا كما إذا هجم الكفار على المسلمين وخيف على بيضة
(١٠٢)