ونسبه إلى عامة أهل العلم فقال ما لفظه لو تعددت الأنواع أخذ من كل نوع بحصته لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيد وعن الفقراء بأخذ الردي وهو قول عامة أهل العلم وقال مالك والشافعي إذا تعددت الأنواع أخذ من الوسط والأولى أخذ عشر كل واحد لان الفقراء بمنزلة الشركاء إنتهى أقول هذا ما قلناه بالشركة الحقيقية على سبيل الإشاعة كما لعله المنسبق إلى الذهب من قوله عليه السلام فيما سقته السماء العشر وأما بناء على ما قويناه من منع الشركة الحقيقية وأن المراد بالخبر المزبور بيان مقدار الحق الذي جعله الله تعالى للفقير في هذا المال بأن أمر مالكه بأن يتصدق به عليه فالمنساق منه إرادة مطلق عشره المقتضي لحصول الاجزاء بأي عشر يكون لان إرادة الكسر المشاع من لفظ العشر الواقع في حيز الامر بالتصدق به بعيد فالمتجه على هذا جواز إخراج الجميع من الأردء فضلا عن الوسط اللهم إلا أن يدعي انصراف إطلاقات الأدلة عنه كما ليس بالبعيد وربما يستدل للمنع عنه بقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون والأخبار الواردة من طرق الخاصة والعامة الناهية عن إخراج بعض الأنواع الذي هو من ردي التمر كالمعافارة وأم جعرور وفيه إن هذا أخص من المدعي إذ قد يكون الجميع من الجيد ولكنها مختلفة في الجودة فبعض أصنافه أجود من بعض فلا يطلق على شئ منها الخبيث كي يتناوله الآية والروايات المشار إليها مع أنه داخل في محل الكلام ويكف كان فعدم الاجتزاء بالأردء مطلقا إن لم يكن أقوى فلا ريب في إنه أحوط والله العالم. المسألة الخامسة: إذا مات المالك وعليه دين فظهرت الثمرة بعد موته وبلغت الحد الذي يجب فيه الزكاة قبل قضاء الدين لم يجب على الوارث زكاتها بناء على إن التركة قبل الوفاء بحكم مال الميت في وجوب صرفها إلى ما يعود نفعه إليه من وفاء دينه وعدم استحقاق الوارث للتصرف في شئ منها عينا أو منفعة إلا بعد الوفاء فلا يجب عليه حينئذ زكاته لانتفاء ملكيته فضلا عن عدم تمكنه من التصرف فيه ولو قضى الدين بعده وفضل منها النصاب لم تجب الزكاة لأنها حين بدو صلاحها الذي هو وقت تعلق الوجوب كانت على حكم مال الميت الذي هو خارج عن متعلق الخطاب بالزكاة ولكن الالتزام بأن التركة مع الدين بحكم مال الميت مطلقا ولو مع عدم استيعاب الدين كما هو مقتضى ظاهر العبارة خصوصا ملاحظة الفرع الذي ذكره أخيرا مما لم يعرف عن أحد كما أشار إليه في مفتاح الكرامة فإنه بعد أن نقل عن عدة من الكتب موافقة المتن في أن ظاهرها إنه لا زكاة على الوارث ولو فضل النصاب بعد الدين منهم العلامة في المنتهى حيث قال لو مات المالك وعليه دين فظهرت الثمرة وبلغت لم تجب الزكاة على الوارث لتعلق الدين بها ولو قضى الدين وفضل النصاب لم تجب الزكاة لأنها على حكم مال الميت قال ما لفظه قلت وعلى هذا لو مات المالك وعليه درهم واحد وخلف نخيلا فظهرت ثمرتها ألف وسق لم يكن فيها زكاة قضى الدين أولا ولو لم يقض الدين أبدا لم يكن في نخيله زكاة أبدا لأنها على حكم مال الميت وهذا لا أظن أحدا يقول به إنتهى وحيث لا يظن بأحد الالتزام بذلك حمل غير واحد من الشراح عبارة المتن على إرادة الدين المستوعب ونزلوا ما ذكره أخيرا على ما إذا حصلت الزيادة بزيادة القيمة السوقية ففي المدارك قال في شرح العبارة إن قول المصنف (ره) إذا مات المالك وعليه دين يقتضي بإطلاقه عدم الفرق بين الدين المستوعب للتركة وغيره إلا إن الظاهر حمله على المستوعب كما ذكره في المعتبر لان الدين إذا لم يستوعب التركة ينتقل إلى الوارث ما فضل منها عن الدين عند المص نف (ره) وغيره أيضا ممن وصل إلينا كلامه من الأصحاب وعلى هذا فيجب زكاته على الوارث مع اجتماع شرائط الوجوب خصوصا إن قلنا إن الوارث إنما يمنع التصرف فيما قابل الدين من التركة خاصة كما أختاره الشارح وجمع من الأصحاب وقوله ولو قضى الدين وفضل منها النصاب لم يجب الزكاة تنبيه على الفرد الاخفى والمراد أنه لو أتفق زيادة قيمته أعيان التركة بحيث قضى منها الدين وفضل للوارث نصاب بعد أن كان الدين محيطا بها وقت بلوغ الحد الذي يتعلق به الزكاة لم تجب على الوارث لان التركة كانت وقت تعلق الوجوب بها على حكم مال الميت وإذا انتفى وجوب الزكاة مع قضاء الدين وبلوغ الفاضل لنصاب وجب انتفائه بدون ذلك بطريق أولى إنتهى وكيف كان فالذي ينبغي أن يقال هو أما إن بينا على إن تركة الميت ينتقل جميعها بموته إلى وارثه وإن حق الديان المتعلق بها من قبيل حق الرهانة أو الجناية أو غير ذلك من أنواع الحقوق فإن قلنا بأن هذا الحق متعلق بنفس التركة لا بنمائها المتجدد في ملك الوارث فالنماء على هذا التقدير ملك طلق للوارث يتصرف فيه كيف يشاء وسواء كانت التركة بقدر الدين أم أقل أم أكثر ولكن المبني ضعيف إذ الظاهر أن الثمرة تابعة لأصلها في وجوب صرفها في دين الميت على تقدير قصور التركة عن وفائها فهي كأصلها متعلقة لحق الديان فلا فرق حينئذ بين كون ما يتعلق به الزكاة من جنس الثمار المتجددة بعد موته أو من جنس الانعام المملوكة له حال موته فيشكل تعلق الزكاة بها بعد كونها متعلقة لحق الغير كما في الرهن اللهم إلا أن يقال إن مثل هذا الحق حيث لا يؤثر نقصا في ملكية ما فضل عن الدين ولا يكون مانعا عن التمكن من التصرف فيه بوفاء الدين من غيره لا يصلح مانعا عن تعلق الزكاة به كما سنشير إليه فليتأمل وإن بنينا على إن التركة لا ينتقل جميعها إلى الوارث إلا بعد وفاء الدين وأنها على حكم مال الميت حيى يستوفى منها دينه فإن أريد من الحكم بكونها على حكم مال الميت عدم صيرورة شئ منها ملكا للوارث وإن فضلت عن الدين فهذا مما لا يمكن الالتزام به إذ لا معنى للملكية إلا اختصاص المال بشخص وعود منافعه إليه وعدم تعلقه بمن عداه وهذه العلاقة تحدث بين الوارث وما زاد عن الدين بموت مورثه بنص الكتاب والسنة بل الاجماع والضرورة القاضية بانقطاعه عن الميت وخلوصه لوارثه فلو دل دليل لفظي بظاهره على أن الوارث لا يملكه إلا بعد وفاء الدين وجب حمله على إرادة نفي السلطنة الفعلية لإباحة التصرف لا نفي الاختصاص الذي هو من مقومات مفهوم الملكية وادعينا الضرورة عليه فغاية ما يمكن الالتزام به بعد مساعدة الدليل هو حجره عن التصرف فيه لا عدم اختصاصه به الذي هو معنى الملكية ومثل هذا الحجر على تقدير تحققه حيث إنه قادر على إزالته بوفاء الدين من عين التركة أو من مال آخر كما أنه ليس منافيا لأصل الملكية كذلك ليس منافيا لطلقيتها أيضا فما يفضل عن الدين بالفعل ملك طلق للوارث قادر على التصرف فيه بجميع أنواع التصرف بتخليصه من حق الديان وصرفه فيما يشاء فليس مثل هذا الحجر مانعا عن تعلق الزكاة به ولا عن تنجز شئ من التكاليف الشرعية أو العرفية الثابتة للشخص الملي من مثل وجوب
(٧٢)