المتبادر منها المعنى الأخص نعم يفهم منها على هذا التقدير أيضا كون الملح والنفط والكبريت ونحوها من الأمور المتكونة في الأرض من غير جنسها مما يعد في العرف من أشباه المذكورات ملحقة بالمعادن في وجوب الخمس فيها دون مثل حجارة الرحى وطين الغسل والجص مما لم يعلم اندراجه في عموم وأشباهه الوارد في الصحيحة وان قلنا بصدق اسم المعدن عليه عرفا بمعناه الأعم اللهم الا ان يقال بان ثبوت الخمس في هذه الأشياء والحاقها بالمعادن في هذه الصحيحة كاشف عن أن المراد بالمعادن في الاخبار الحاصرة للخمس في خمسة معناه الأعم والا لم يكن الحصر حاصرا بل يكشف عن أن المراد في نفس هذه الرواية التي فرع الخمس عليه مطلقا فان الأرض السبخة التي يجتمع فيها الماء فيصير ملحا لدى العرف أيضا لا يسمى معدن الملح بل مثله فالمشبه به على ما ينسبق إلى الذهن معدنه لا معدن الذهب هذا مع اعتضاده بفهم الأصحاب وظهور كلماتهم بل صراحة جملة منها في دوران الحكم مدار صدق اسم المعدن في العرف واختلافهم في بعض الموارد انما هو في تشخيص المصداق لا في عموم الحكم فالأظهر ثبوت الخمس في جميع ما يستخرج من الأرض مما يسمى في العرف معدنا بمعناه الأعم ولكن قد يختفى الصدق العرفي على بعض الأشياء كأرض الجص والنورة وما يتخذ منه حجارة الرحى ونحوه فإنه ليس بنظر العرف غالبا الا كسائر قطع الأرض المشتملة على خصوصية يعظم الانتفاع بها اللبناء واتخاذ الأواني الخزفية ونحوها بل قد لا يشك في عدم الصدق وصحة سلب الاسم عنه كما لو كان ما يتخذ منه حجر الرحى مثلا جبلا عظيما أو مكانا واسعا من الأرض قابلا حجارته لمثل هذه الأشياء كما أنه قد يعكس الامر كما لو كان نوع خاص من الحجر ممتاز عن سائر أنواعه بأوصاف خاصة مخلوقا في موضع معين من الأرض ككنز مدفون فيها فإنه لو سئل في العرف عن ماخذ هذه الحجارة يقال إن لها معدن خاص وكيف كان فالمدار على التسمية في العرف لا على نحو المسامحة والتجوز ففي الموارد التي يصح اطلاق اسم المعدن عليها حقيقة ولا يصح سلبه عنها عرفا يجب الخمس فيما يستخرج منها سواء كانت منطبعة كالذهب والفضة والرصاص أو غير منطبعة كالياقوت والزبرجد والكحل أو مايعة كالقير والنفط والكبريت واما الموارد التي يشك في صحة اطلاق الاسم عليه على سبيل الحقيقة فينفي وجوبه من هذه الجهة بالأصل ولكن ربما يتعلق به الوجوب من حيث اندراجه في أرباح المكاسب فيراعى فيه شرائطه من زيادته على مؤنة السنة وقصد التكسب ان اعتبرناه وغير ذلك مما ستعرف وهل يعتبر النصاب فيما يجب الخمس فيه من المعادن فيه وفي قدره خلاف ففي صريح السرائر ومحكى الخلاف وظاهر غيرهما ممن اطلق لقول بالوجوب ولم يصرح بالاشتراط انه يجب فيه الخمس مطلقا قليلا كان أو كثيرا بعد وضع مقدار المؤنة أي مؤنة الاخراج والتصفية بل في الدروس نسبة إلى الأكثر وفي السرائر قال في رد الشيخ القائل باعتبار النصاب اجماع الأصحاب منعقد على وجوب اخراج الخمس من المعادن جميعها على اختلاف أجناسها قليلا كان المعدن أو كثيرا ذهبا كان أو فضة من غير اعتبار مقدار انتهى واما مقدار المؤنة فيظهر من كلماتهم تصريحا وتلويحا انه لا خلاف بينهم في عدم وجوب خمسه كما سيأتي تحقيقه عند تعرض المصنف (ره) له انشاء الله وحكى عن أبي الصلاح الحلبي انه اعتبر بلوغ قيمته دينارا واحدا وقيل لا يجب حتى يبلغ عشرين دينارا كما عن الشيخ في النهاية والمبسوط وابن حمزة في وسيلته ووافقهما غير واحد من المتأخرين بل في المدارك نسبته إلى عامتهم وهذا هو المروى صحيحا في التهذيب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عما اخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ قال لا شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا ولكن مع ذلك القول الأول أكثر قائلا من القدماء كما سمعت عن الدروس نسبته إلى الأكثر بل عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه كما أنه هو ظاهر عبارة السرائر المتقدمة انفا الا ان غرض الحلى على ما يعطيه سوق عبارته دعوى الاجماع على أصل وجوب الخمس في المعادن من غير اشتراطه بشئ كما في الغوص لا على نفى الاشتراط كما لا يخفى على من لاحظ مجموع كلامه وكيف كان فمستندهم بحسب الظاهر ليس الا اطلاقات الأدلة ولا يخفى عليك ان اشتهار هذا القول بين القدماء اخذا باطلاق النصوص المتضمنة لوجوب الخمس في المعادن من غير تفصيل واعراضهم عن النص المزبور مع صحته وصراحته في نفى وجوب شئ عليه ما لم يبلغ النصاب ووضوح عدم صلاحية مثل هذه المطلقات التي يمكن الخدشة في اطلاق كثير منها من حيث هو بورودها في مقام بيان أصل التشريع لمعارضة النص الخاص مما يوهن التعويل عليه ولذا لم ير حجه المصنف (ره) مما يزيدها وهنا ما حكى عن الشافعي في أحد قوليه وعن غيره أيضا من العامة القول بوجوب الزكاة في معدن الذهب والفضة واشعار الرواية بإرادتها فيحتمل ان يكون غرض السائل بقوله هل فيه شئ الزكاة فاجابه عليه السلام بأنه ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة يعنى ليس فيه زكاة حتى يبلغ نصابها فتكون الرواية على هذا التقدير جارية مجرى التقية كما يؤيد هذا الاحتمال انه لو كان المقصود انه بعد بلوغ النصاب يكون فيه الخمس لكان محتاجا إلى بيان زائد بخلاف ما لو كان المراد به الزكاة فإنه يفهم من سوق التعبير ويؤكد وهنها أيضا بعد ارتكاب التقييد ببلوغ العشرين في صحيحة محمد بن مسلم المصرحة بوجوب الخمس في الملح المتخذ من الأرض السبخة المالحة التي يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فان هذه الصحيحة وان لم تكن مسوقه لبيان الاطلاق من هذه الجهة الا ان تنزيلها على إرادة ما لو كان الملح المتخذ من مثل هذه الأرض بعد وضع المؤنة بالغاء هذا الحد لا يخلو عن بعد إذا قلنا يتفق حصول مثل الفرض هذا ولكن ربما يغلب على الظن ان أحمد بن محمد بن أبي نصر كان عارفا بأنه ليس في المعدن زكاة وانه لو كان فيه شئ لكان هو الخمس أما بواسطة سماعه خبر الدينار الآتي الذي رواه محمد بن علي بن أبي عبد الله أو غير ذلك من الروايات الواصلة إليه ولا أقل من أنه كان يحتمل ذلك لأنه على ما عن التذكرة مذهب أبي حنيفة الذي هو بحسب الظاهر اشهر المذاهب في زمانه فمن المستبعد ان لا يحتمله أصلا ويقصد من اطلاق الشئ خصوص الزكاة فالظاهر أن مراده بقوله هل فيه شئ اما خصوص الخمس أو الأعم كما هو مقتضى اطلاق السؤال ومما يؤيد احتمال إرادة خصوص الخمس قوة احتمال وقوع هذه الصحيحة بعد صحيحته الأخرى الواردة في الكنز عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سئلته عما يجب فيه الخمس من الكنز قال ما يجب في مثله الزكاة ففيه الخمس فالمراد بابى الحسن في هذه الصحيحة أيضا على هذا الرضا عليه السلام فأريد بها بيان اتحاد حكم المعدن مع الكنز وإنه ليس في المعدن أيضا شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة كما في الكنز وكيف كان فالصحيحة كادت تكون صريحة في أنه لا شئ فيه ما لم يبلغ النصاب واحتمال إرادة خصوص الزكاة وجريها مجرى التقية مع مخالفته للأصل والظاهر مما لا ينبغي الاعتناء به وما اثرنا إليه من بعد التقييد في مثل معدن
(١١١)