حميد الذي أمج داره * أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع (1) * علاه المشيب على شربها * وكان كريما فما ينزع * فقال:
* وكان شقيا فلم ينزع (2) * فقلت يا أبا عبد الله، ليس هكذا قال، فقال: والله لا كان كريما وهو مقيم (3) عليها.
وحدث عبد الله بن أبي أوفى القتباني، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، قال: تقدم قوم إلى عمر بن عبد العزيز، فقالوا إن أبانا مات، وإن لنا عما يقال له حميد الأمجي، أخذ مالنا; فدعا به عمر، وقال له: أنت الذي يقول (4):
* حميد الذي أمج داره * وأنشد البيتين؟ قال: نعم، قال: أنا آخذك بإقرارك. قال: أيها الأمير ألم تسمع إلى قول الله تعالى: " والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون ". فقال: ما فعل مال بني أخيك؟ قال:
سلهم: مذ كم (5) مات أبوهم؟ قالوا: مذ عشرون سنة. قال: فهل فقدوا إلا رؤيته؟ قال: وما ذاك وقد أخذت مالهم! قال فدعا غلامه، فعرفه موضع المال، فجاء به بخواتمه، فقال: هذا مالهم، وأنفقت عليهم من مالي. فقال عمر: قد صدقتك، فاردده إليك. فقال: أما إذ خرج من يدي، فلا يعود إلى أبدا ثم مضى.