شيخنا المرتضى ندم بعد نقل هذه الروايات وبيان سلامتها من المعارض فالقول بوجوب نزع الازرار متجه لو لم يكن اجماع على عدمه انتهى أقول ولعل القول باستحبابه خصوصا مع عدم معروفية الوجوب أوجه لما رواه الصدوق مرسلا قال قال الصادق (ع) ينبغي ان يكون القميص للميت غير مزرور ولا مكفوف فان ظهور هذه الرواية في الاستحباب أقوى من ظهور الروايات المتقدمة في الوجوب ويؤيده ترك الامر بقطع الازرار في بعض الأخبار الدالة على استحباب التكفين في ثوب كان يصلى فيه ويصوم مع وروده في مقام البيان مثل ما رواه محمد بن سهل عن أبيه قال سئلت أبا الحسن (ع) عن الثياب التي يصلى فيها الرجل ويصوم أيكفن فيها قال أحب ذلك الكفن يعنى قميصا الحديث وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال إذا أردت ان تكفنه فان استطعت ان يكون في كفنه ثوب كان يصلى فيه نظيف فافعل فان ذلك يستحب ان يكفن فيما كان يصلى فيه والاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم ويكره أيضا تكفينه في ثوب اسود كما عرفته فيما سبق أو يكتب عليها بالسواد كما عن غير واحد من القدماء وكثير من المتأخرين بل عن المبسوط لا يكتب بالسواد وعن النهاية لا يجوز لكن لم يتضح ما يصح الاستناد إليها للكراهة عدا قاعدة التسامح فضلا عن الحرمة والاستدلال بالنهي عن التكفين في السواد أو الثوب الأسود كما ترى ويكره أيضا ان يجعل في سمعه وبصره شئ من الكافور كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا مسائل ثلاث الأولى إذا خرج من الميت بعد غسله نجاسته قبل ان يكفن وجب ازالتها عن بدنه بلا خلاف فيه ظاهرا ويدل عليه موثقة روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله (ع) قال إن بدا من الميت شئ بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل وخبر الكاهلي والحسين بن المختار عن أبي عبد الله (ع) قالا سألناه عن الميت يخرج منه الشئ بعد ما يفرغ من غسله قال يغسل ذلك ولا يعاد عليه الغسل وخبر سهل عن بعض أصحابه رفعه قال إذا غسل الميت ثم احدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل ويؤيده اشعار جملة من الأخبار الواردة في تغسيل الميت وتكفينه بشدة اهتمام الشارع بالتحفظ عليه من النجاسة بل في رواية ابن سنان المروية عن العلل علة غسل الميت انه يغسل ليطهر وينظف عن ادناس امراضه وما اصابه من صنوف علله لأنه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة فيستحب إذا ورد على الله عز وجل ولقى أهل الطهارة ويماشونهم ويماشهم ان يكون طاهرا نظيفا الحديث وكيف كان لا مجال للتشكيك في الحكم كما أنه لا مجال للارتياب في وجوب ازالتها لو خرجت في أثناء الغسل اما قبل الفراغ من غسل ذلك العضو فواضح لما عرفت فيما سبق من اشتراط صحة الغسل بطهارة العضو واما بعده فلفحوى ما عرفت مضافا إلى عدم الخلاف فيه أيضا كسابقه وهل يجب استيناف الغسل لو كان الخارج في الأثناء حدثا فعن المشهور عدمه لأصالة البراءة عن كلفه الاستيناف واستصحاب صحة ما مضى مضافا إلى اطلاقات الأدلة القاضية بحصول الاجزاء بمطلق الغسل السالمة مما يفيدها بعدم تخلل الحدث وربما يستدل له بمرسلة يونس وغيرها من الأخبار المتقدمة في كيفية الغسل الامرة بمسح بطنه بعد الغسلتين الأوليين كي يخرج من مخرجه ما خرج ويتوجه عليه انه يتم على القول بكون الأغسال الثلاثة عملا واحدا مؤثرا في رفع حدث الميت وان الحدث في أثناء الأغسال كحدوثه بين الغسلات واتمام هاتين المتقدمتين بالدليل لا يخلو من اشكال وحكى عن العماني القول باستيناف الغسل لو كان الحادث في الأثناء من النواقض واستدل له بكون غسل الميت كغسل الجنب أو عينه كما يدل عليه جملة من الاخبار فكما ينتقض غسل الجنابة بالحدث في أثنائه فكذلك غسل الميت وفيه مع ما في المقيس عليه من المناقشة التي عرفتها في محله ما لم يكن الحدث الخارج في الأثناء بنفسه علة تامة لوجوب الغسل كما لو خرج المنى منه وهو في أثناء الغسل فيعاد الغسل لذلك لا لكونه ناقضا لما سبق منع كون ما يخرج من الميت ناقضا فان الأدلة الدالة على ناقضية الحدث وسببيته للطهارة مصروفة عنه قطعا واما في الأخبار المستفيضة التي علل فيها غسل الميت برميه للنطفة التي خلق منها فهي من الرموز والاسرار التي لا ينالها عقولنا إذ لا نتعقل رمى هذه النطفة المستحالة ولا سببيتها للجنابة فلا يفهم من مثل هذه الأخبار أصلا ان خروج مائه المعروف من مخرجه أو التقاء الختانين بالنسبة إليه كالحي موجب للغسل مع أنه على تقدير استفادة السببية من هذه الأدلة أو غيرها مثل عموم قوله إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وقلنا بان الميت أيضا يصير جنبا بالتقاء الختانين وسلمنا وجوب إزالة حدثه كفاية على المكلفين اما لأجل العلة المنصوصة في الروايات أو غيرها من التقريبات الغير البعيدة لاتجه عدم الفرق بين ما لو حدث سبب الجنابة في أثناء الغسل أو بعده مع أنه لم ينقل الالتزام بذلك من أحد فيما لو حدث سبب الغسل بعد الفراغ من غسله وعلى تقدير وجود القائل به يرده مضافا إلى ما عرفت اطلاق الأخبار المتقدمة الدالة على أنه إذا غسل الميت ثم احدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل فليتأمل وإذا خرج منه نجاسة بعد تكفينه فان لاقت جسده كما هو الغالب بمقتضى العادة غسلت بالماء لما عرفت من وجوب إزالة النجاسة عنه وقد يقال إن قضية اطلاق المتن كغيره عدم الفرق في ذلك بين كونه قبل طرحه في القبر وبعده بل ولو توقف ازالتها على اخراجه منه وفيه نظر فان حكمهم فيما بعد بقرض الكفن بعد طرحه في القبر ان لاقته النجاسة قرنية على عدم ارادتهم ذلك بعد طرحه في القبر إذ من المستبعد جدا تنزيل كلامهم على إرادة بيان حكم خصوص ما لو لاقت النجاسة الكفن ولم تلاق الجسد مع أنه مجرد فرض لا يكاد يتحقق في الخارج وابعد من ذلك حمله على إرادة قرض الكفن تعبدا بعد خلعه عن بدن الميت مقدمة لتطهير جسده فليس المقصود باطلاق غسل جسده في المتن وغيره الا ارادته
(٤٠٨)