ثم قال دخلت أنا يوما على رسول الله وفاطمة والحسن والحسين فبكى حين رآنا وقال بعض من حضر: أما تستر برؤيتهم يا رسول الله؟ فقال: والذي بعثني بالحق نبيا أنا وهم لأكرم الخلق على الله تعالى، وما على وجه الأرض نسمة أحب إلي منهم، أما علي بن أبي طالب فإنه أخي، وابن عمي، وخليفتي، ووصيي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد وفاتي، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، وهو مولى كل تقي، بولايته صارت أمتي مرحومة، وإنما بكيت على ما يحل بهم بعدي من غدر الأمة، وإنه ليزال عن مقامه ومحله ومرتبته التي وضعه الله فيها، ثم لا يزال كذلك حتى يضرب على قرنه في محرابه ضربة تخضب لحيته ورأسه في بيت من بيوت الله، في أفضل الشهور شهر رمضان، في العشرة الأواخر منه، يضربه بالسيف شر الخلق والخليقة، أخو قدار ابن قديرة عاقر ناقة صالح، ثم استعبر وبكى بكاء شديدا عاليا.
ثم قال: وأما ابنتي فاطمة الزهراء، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين، وهي بضعة مني ونور عيني وروحي التي بين جنبي، الحوراء الإنسية الزهراء الزاهرة التي أزهرت من نورها السماوات بكواكبها، والأرضين بأقطارها، ويقول الله تعالى إلى الملائكة: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي إذا قامت إلى الصلاة وهي ترتعد خيفة وخشية مني، اشهدوا أني قد آمنت شيعتها من النار، ولكن ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها، وقد دخل عليها في بيتها الذل والهوان، فترى نفسها ذليلة بعد ما كانت عزيزة في حياتي، فتناديها الملائكة بما نادت به مريم ابنة عمران (ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) (1) فتمرض عند ذلك، فيبعث الله لها مريم ابنة عمران فتمرضها، فتقول: إني قد سئمت الحياة وتبرمت من أهل الدنيا، اللهم فألحقني بأبي، فيلحقها الله بي في المدة القليلة، فتقدم علي محزونة مغصوبة