فما هدأت لنا عين ولا سكنت لنا رنة.
وعن الفاضل النائيني البرجردي: أن الحسين لما ودع أخته زينب وداعه الأخير قال لها: يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل، وهذا الخبر رواه هذا الفاضل عن بعض المقاتل المعتبرة.
وقال بعض ذوي الفضل: أنها (صلوات الله عليها) ما تركت تهجدها لله تعالى طول دهرها حتى ليلة الحادي عشر من المحرم.
وروي عن زين العابدين (ع) أنه قال: رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس، وروى بعض المتبقين عن الإمام زين العابدين (ع) أنه قال: إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام من قيام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال، لأنها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الأطفال لان القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم والليلة.
وعن الفاضل النائيني البرجردي المتقدم ذكره عن بعض المقاتل المعتبرة عن مولانا السجاد (ع) أنه قال: إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تركت [تهجدها] لليلة انتهى كلامه.
فإذا تأمل المتأمل إلى ما كانت عليه هذه الطاهرة من العبادة لله تعالى والانقطاع إليه، يكاد يتيقن بعصمتها (صلوات الله عليها) وأنها كانت من القانتات اللواتي وقفن حركاتهن وسكناتهن وأنفاسهن للباري تعالى، وبذلك حصلن على المنازل الرفيعة والدرجات العالية التي حكت رفعتها منازل المرسلين ودرجات الأوصياء (عليهم الصلاة والسلام).
وأما زهدها (ع): فيكفي في إثباته ما روي عن الإمام السجاد من أنها (ع) ما ادخرت شيئا من يومها لغدها أبدا.