الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهورا وأمره إلا علوا.
فقلت: وما هذا العهد وما هذا الخبر؟ فقالت: نعم حدثتني أم أيمن أن رسول الله (ص) زار منزل فاطمة (ع) في يوم من الأيام، فعملت له حريرة وأتاه علي بطبق فيه تمر، ثم قالت أم أيمن: فأتيتهم بعس فيه لبن وزبد فأكل رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين من تلك الحريرة، وشرب رسول الله (ص) وشربوا من ذلك اللبن، ثم أكلوا وأكل من ذلك التمر والزبد، ثم غسل رسول الله (ص) يده وعلي (ع) يصب عليه الماء، فلما فرغ من غسل يده مسح وجهه ثم نظر إلى علي (ع) وفاطمة والحسن والحسين نظرا عرفنا به السرور في وجهه، وتوجه نحو القبلة وبسط يديه ودعا ثم خر ساجدا وهو ينشج وجرت دموعه، ثم رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعه تقطر كأنها صوب المطر، فحزنت فاطمة (ع) وعلي والحسن والحسين (ع) وحزنت معهم لما رأينا رسول الله (ص)، وهبنا أن نسأله حتى إذا طال ذلك قال له علي (ع) وقالت له فاطمة (ع): ما يبكيك يا رسول الله؟ لا أبكى الله عينيك، فقد أقرح قلوبنا ما نرى من حالك. فقال (ص): يا أخي سررت بكم. وقال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه هنا فقال: يا حبيبي سررت بكم سرورا ما سررت مثله قط، وإني لأنظر إليكم وأحمد الله على نعمته علي فيكم، إذ هبط علي جبرائيل فقال: يا محمد إن الله تبارك وتعالى أطلع على ما في نفسك وعرف سرورك بأخيك وابنتك وسبطيك فأكمل لك النعمة وهناك العطية بأن جعلهم وذرياتهم ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنة لا يفرق بينك وبينهم، يحبون كما تحب ويعطون كما تعطي حتى ترضى وفوق الرضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك، ويزعمون أنهم من أمتك براء من الله ومنك خبطا خبطا وقتلا قتلا شتى مصارعهم نائية. قبورهم خيرة من الله لهم ولك فيهم، فاحمد الله عز وجل على خيرته وارض بقضائه، فحمدت الله