لإمامها ابن بنت رسول الله مع علمها بجميع ما يجري عليها من المصائب والنوائب والمحن، كما يدل عليه الحديث المروي في كتاب (كامل الزيارات) للشيخ الفقيه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه طاب ثراه، قال:
حدثني أبو عيسى عبيد الله بن الفضل بن محمد بن هلال الطائي البصري قال: حدثني أبو عثمان سعيد بن محمد قال: حدثنا محمد بن سلام بن يسار الكوفي قال: حدثني نوح بن دراج قال: حدثني قدامة بن زائدة عن أبيه قال:
قال علي بن الحسين بلغني يا زائدة أنك تزور قبر أبي عبد الله الحسين (ع) أحيانا، فقلت: إن ذلك لكما بلغك فقال لي: ولماذا تفعل ذلك ولك مكان عند سلطانك الذي لا يحتمل أحدا على محبتنا وتفضيلنا وذكر فضائلنا والواجب على هذه الأمة من حقنا؟ فقلت: والله ما أريد بذلك إلا الله ورسوله، ولا أحفل بسخط من سخط ولا يكبر في صدري مكروه ينالني بسببه، فقال: والله إن ذلك لكذلك، فقلت: والله إن ذلك لكذلك يقولها ثلاثا وأقولها ثلاثا.
فقال: أبشر ثم أبشر ثم أبشر، فلأخبرنك بخبر كان عندي في النخب المخزون، فإنه لما أصابنا في الطف ما أصابنا وقتل أبي وقتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله وحملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يراد بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا فعظم ذلك في صدري، واشتد لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج، وتبينت ذلك مني عمتي زينب الكبرى بنت علي (ع) فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي؟
فقلت: وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي مضرجين بدمائهم مرملين بالعراء مسلبين، لا يكفنون ولا يوارون ولا يعرج عليهم أحد ولا يقربهم بشر كأنهم أهل بيت من الديلم والخزر، فقالت: لا يجزعنك ما ترى فوالله إن ذلك لعهد من رسول الله (ص) إلى جدك وأبيك وعمك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة وهم معروفون من أهل السماوات، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة، وينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد