وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٣٨٥
يوم فيقال له: قد تشاغل فيخرج ثم يرجع في الثاني فيقال له: قد سكر فبكر غدا فيبكر فيقال له: قد شرب دواء، فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه أبدا.
وروي أن المتوكل وقيل الواثق أمر العسكر في تسعين ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأى أن يملأ كل واحد منهم مخلاة فرسه من الطين الأحمر، ويجعلون بعضه على بعض في وسط برية واسعة هناك، فلما فعلوا ذلك صار كالجبل العظيم فصعد فوقه واستدعى علي الهادي (ع) وقال له: ما استحضرتك إلا لترى نضارة خيولي وعسكري، وقد أمرهم أن يلبسوا التخافيف ويكملوا الأسلحة ويعرضوا عليه بأتم عدة وأعظم هيبة، وكان غرضه كسر قلب كل من يخرج عليه من أهل البيت (ع) وغيرهم، فقال له علي الهادي: أتريد أن أعرض عليك عسكري كما عرضت علي عسكرك؟ قال: نعم، فدعا الله تعالى فإذا من السماء إلى الأرض ما بين المشرق والمغرب ملائكة على نجب من الجنة، بأيديهم الحراب تلتهب فغشي على المتوكل فقال له الهادي لما أفاق: نحن لا ننافسكم على هذه الدنيا ونحن مشغولون عنكم بأمور الآخرة، فلا يدخلك مني مما تظن بأس.
وروي عن أحمد بن داوود بن محمد بن عبد الله الطلحي قال: حملنا مالا من خمس ونذر من عين وورق ودنانير وحلي وجواهر وثياب من قم وما يليها فخرجنا نريد أبا الحسن (ع)، فلما صرنا إلى دسكرة الملك تلقانا رجل راكب على جمل ونحن في قافلة عظيمة فقصدنا ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بحمله، فقال: يا أحمد بن داوود ومحمد بن إسحاق معي رسالة إليكما فقلنا: ممن؟ فقال: من سيدكما أبي الحسن الهادي (ع) يقول لكما:
إني راحل إلى الله تعالى في هذه الليلة فأقيما مكانكما حتى يأتيكما أمر من أبي محمد الحسن (ع)، فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وأخفينا ذلك ولم نظهره، ونزلنا دسكرة الملك واستأجرنا منزلا وأحرزنا ما كان معنا فيه، وأصبحنا والخبر
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 389 391 393 ... » »»
الفهرست