وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٣٨٤
[فأفصح القبر عنهم حين سائلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل] [من بعد ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طيب الاكل قد أكلوا] قال: فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته وبكى الحاضرون ثم دفع إلى علي (ع) أربعة آلاف دينار ورده إلى منزله مكرما، فيا قاتله الله من ملعون قد تولد من سفاح، فلم يزل ذلك اللعين يظهر الداء الدفين ليقتل ذلك السيد الأمين والله غالب على أمره فقطع الله منه الوتين.
وقد روي في كتاب كشف الغمة أن المتوكل كان ديدنه ودأبه يحرص على مجالسة علي الهادي (ع)، ويعرض عليه أمورا يريد أن يسقط بها وقاره ومحله من القلوب، فإذا لم يجبه إلى ما يريد يعظم ذلك عليه، حتى أنه وجه إلى أخيه موسى وأحضره لعله أن يرى فيه ما يسقط منه محله فيكون له في ذلك الكلام ليحتج به على الهادي (ع) حتى أعيته الحيلة فيه.
قال الراوي: وكان يعقوب بن ياسر يقول: إن المتوكل كان يقول قد أعياني أمر ابن الرضا (ع)، وإني أريد أن يشرب معي أو يناد مني لأجل أن نجد فيه فرصة في هلاكه، فقيل له: إن لم تجد فيه ذلك فهذا أخوه موسى قصاف عراف يأكل ويشرب ويتعشق، فقال: جيئوني به حتى نموه به على الناس ونقول له يا بن الرضا فكتب إليه وأشخصه مكرما، فتلقاه جميع بني هاشم والقواد والناس حتى أنه إذا وافى أقطعه له قطيعة وبنى له فيها دارا، وحول الخمارين والقينات إليه وفضله ودبره وجعل له منزلا سريا حتى يزوره هو فيه، فلما وافى موسى تلقاه علي الهادي (ع) في قنطرة وصيف وهو موضع يتلقى فيه القادمين، فسلم عليه ووفاه حقه، ثم قال له: إن الرجل قد بعث إليك ليهتك عرضك ودينك ويضع من قدرك، فلا تقر له أنك شربت نبيذا قط، فقال له:
إذا دعاني إليه فما حيلتي؟ قال: لا تضع من قدرك ولا تفعل فإنما أراد بهذا هتكك فأبى عليه فكرر عليه القول، فلما رأى أنه لا يجيب قال له: ان هذا مجلس لا تجتمع أنت وهو فيه أبدا قال: فأقام فيه ثلاث سنين يتردد عليه كل
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 389 391 ... » »»
الفهرست