تحب أنت؟ فقال: فرسا، فقال (ع): أشبهني أبو الحسن وأشبه هذا أمه.
ولله در من قال:
[فلله مولود علا في سمائه * فأظهر سيما السن من صغر السن] [ولا غرو منه فهو نور مؤلق * من العالم العلوي أولاه ذو المن] [وصيره في عالم القدس حجة * لأملاكه مع عالم الإنس والجن] [لقد حسدته ولد أعمامه الأولى * أبادوهم بالقتل والأسر والسجن] [وقد أقفرت تلك الربوع عقيبهم * من العلم والمعروف والجود والمن] [ومن عجب كيف الورى يحسدونهم * وهم حجج الباري على الحر والقن] وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ره) عن هارون ابن الفضل، عن رجل كان رضيع أبي جعفر الثاني (ع) قال: بينما أبو الحسن (ع) مع مؤدبه إذ بكى بكاء شديدا، فقال له المؤدب: مما بكاؤك؟ فلم يجبه، ثم قال له:
إئذن لي بالدخول في هذه الدار فأذن له، فارتفع الصياح من داره بالبكاء فخرج (ع) إلينا فسألناه عن السبب في بكائه فقال (ع): إن أبا جعفر توفي الساعة، فقلت له: من أعلمك؟ فقال (ع): دخلني من جلال الله شئ لم أكن أعرفه فعلمت أن أبي قد مضى، قال: فكتبنا ذلك اليوم والشهر إلى أن ورد خبره فإذا هو في ذلك الوقت بعينه قال: وكان سيدنا أبو الحسن (ع) يومئذ ابن ثمان سنين.
وفي رواية أخرى عن هارون بن الفضل قال: رأيت أبا الحسن - يعني صاحب العسكر - في اليوم الذي توفي فيه أبوه يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون مضى أبو جعفر، فقلت له: كيف تعلم وهو ببغداد وأنت بالمدينة فقال (ع):
لأنه لحقني من ذلك ذلة واستكانة لله عز وجل ولم أكن أعرفها، فعلمت أنه مضى، وليس ذلك ببعيد منهم فإنهم مفطرون على العلم بالمغيبات الذي لا يدركها سائر النبيين والمرسلين، ولذا تحمل الخلافة وهو ابن ثمان سنين كما تحملها عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا، وكانت لوالده يوم مات جده،