وعن أبي هاشم أيضا قال: خرجت مع أبي الحسن (ع) إلى ظاهر سر من رأى لنلتقي بعض القادمين، فابطؤا فطرح لأبي الحسن (ع) غابة السرج فجلس عليها، فنزلت عن دابتي وجلست بين يديه وهو (ع) يحدثني، فشكوت إليه قصر يدي وضيق حالي، فأهوى بيده إلى رمل كان جالسا عليه فناولني منه كفا وقال: اتسع بهذا يا أبا هاشم واكتم ما رأيت، فخبأته عندي ورجعنا، فأبصرته فإذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر، فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت لي:
اسبك لي هذه السبيكة فسبكها وقال لي: ما رأيت ذهبا أجود من هذا، وهو كهيئة الرمل من أين لك هذا فما رأيت أعجب منه؟ قلت: كان عندي قديما.
وعن محمد بن الفرج أنه قال: إن أبا الحسن (ع) كتب إلي: أجمع أمرك وخذ حذرك، فإني في جمع أمري ولست أدري ما الذي أراد (ع) فيما كتبه إلي وحتى ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا مصفدا بالحديد وضرب على كل ما أملك فمكثت في السجن ثمان سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن (ع): لا تنزل في ناحية الجانب الغربي من السجن، فقرأت الكتاب فقلت في نفسي: يكتب إلي أبو الحسن (ع) بهذا وأنا في الحبس إن هذا لعجيب، فما مكثت إلا أياما يسيرة حتى فرج الله عني وحلت قيودي وخلي سبيلي، ولما رجع إلى العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبو الحسن (ع) وخرج إلى سر من رأى، قال فكتبت إليه بعد خروجي أن يسأل الله تعالى أن يرد علي ضياعي فكتب إلي: سوف ترد عليك وما يضرك أن لا يرد عليك.
قال محمد بن علي النوفلي: شخص محمد بن الفرج إلى العسكر وكتب إليه برد ضياعه، فلم يصل الكتاب حتى مات.
ولله در من قال:
[هم الغوث إن لمت ملمات دهرنا * وقد علموا حقا بما كان في الغيب] [وذلك من علم الإله مفوض * عليهم بلا شك لدي ولا ريب] [وذلك برهان من الله ثابت * إمامتهم في مبتدأ السن والشيب]