قال ابن أبي داوود: قامت قيامتي وتمنيت أن لم أكن شيئا مذكورا: قال زرقان: فصرت إلى المعتصم بعد ثلاثة أيام فقلت له: إن نصيحة الأمير علي واجبة، وأنا أكلمه مما أعلم أني أدخل به النار فقال، وما هو؟ فقلت: إذا جمع لأمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، وقد حضر مجلسه نوابه وقواده ووزراؤه وكتابه، وقد استمع الناس بذلك من أربابه ثم يترك أقاويلهم كلهم إلى رجل يقول: شطر هذه الأمة بإمامته ويزعمون أنهم مقتدون به وبأمته ثم يحكم بحكم دون حكم الفقهاء، قال: فتغير لونه وانتبه لما نبهته وقال: جزاك الله بنصيحتك خيرا، قال: فأمر في اليوم الرابع الامراء من كتابه ووزرائه أن يدعوهم إلى منزله، فدعاه معهم فأبى (ع) عليه وقال: إني لا أحضر مجالسكم فقال المعتصم: إنما أدعوك إلى الطعام وأحب أن تطل ببابي وتدخل منزلي فأتبرك بذلك، قال: فصار (ع) إليه فلما طعم منها أحس بالسم فدعى بدابته (ع)، فسأله أرباب المنزل أن يقيم فقال (ع):
خروجي من دارك خير لك، فلم يزل (ع) يومه ذلك يتلوى حتى قبض صلوات الله عليه.
وفي رواية عن الرضا (ع) أنه قال يقتل ابني محمد (ع) غصبا، فتبكي عليه أهل السماء والأرض، ويغضب الله عز وجل على عدوه وظالميه، ولم يلبث إلا سنة حتى يحل الله به عذابه الأليم وعقابه الشديد الجسيم.
وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ره) قال: كان سبب وفاته (ع) أن زوجته أم الفضل بنت المأمون لما رزق الله محمد الجواد ابنه علي الهادي (ع) من غيرها انحسرت عنه وسمته في تسعة عشر حبة عنب، وكان (ع) يحب العنب فلما أكلها بكت فقال لها: مم بكاؤك، والله لا ليضربنك الله بفقر لا ينجبر وبلاء لا يستقر، فبليت بعده بعلة في أغمض المواضع من بدنها وأنفقت عليها ملكها حتى احتاجت إلى رفد الناس، وروي أنها سمته في قرص فلما أحس بذلك قال لها: بلاك الله ببلاء لا دواء له، فوقعت أكلة في فرجها