علي بن موسى بن جعفر (ع).
فترقى الخبر إلى محمد بن عبد الملك فبعث إلي وأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق فقلت له: ارفع قصتك إلى محمد بن عبد الملك ففعل وذكر ما كان وقع في قصته، فقال له: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة، ومن الكوفة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة وردك من مكة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا، قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره ورققت له، وأمرته بالقرار والصبر، قال: ثم بكرت عليه من الغد، فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله خلقا وهم في كلام، فقلت ماذا؟ فقالوا إن المحمول فقد الذي تنبأ البارجة فما ندري أخسفت به الأرض أم اختطفته الطير، فيا لها من مناقب لا يجحدها إلا من أعمى الله بصره وبصيرته، وحملته العداوة وقبح سريرته، فما أعماهم عن الحق المبين وما أشد نفاقهم في إطفاء نور الله الظاهر المستبين، وكم له من معاجز أوجب له هذا الداء الدفين، فوا ضيعة الاسلام والمؤمنين فقد أصبح كتاب الله مهجورا، ورسول الله محروبا وموتورا فلعنة الله على القوم الظالمين.
ولله در من قال:
[سأنعي التقي والجود إذ فقدا بما * جرى من ولاة الجور في خيرة الرضا] [على الدار من بعد الجواد عفاتها * فوا ضيعة الاسلام من بعد ما قضى] [محمد جواد الأولياء ومن له * فضائل لا تحصى يضيق بها الفضا] [ستبكيه عين المجد والشرف الذي * تساوى وعين العلم والحق والرضا] [فواعجبا للخلق بعد افتقاده * يقربهم وجه الثرى بعد ما مضى] [سأبكيه ما دامت حياتي وبعدما * أكون رميما لست عن ذاك معرضا] حكى عن شيخ من أصحابنا عن محمد بن الرضا قال: احتال المأمون على أبي جعفر (ع) بكل حيلة فلم يمكنه فيه شئ، فلما اعتل وأراد أن يبني عليه أبنية دفع مائتي وصيفة من أجمل ما يكون، وأعطى كل واحدة جاما فيه