ثم انه (ع) قام بما تحتاج إليه الناس بعد أبيه (ع) لأنه الحجة ولا يحجزه عن ذلك صغر سنه لأنه (ع) مستكمل الشرائط، وهم أنوار الله في عالم المكنون والملكوت وإنما هم صموت ما داموا لم يؤذن لهم، ثم انه (ع) تقصدته الظلمة والحسدة فأشخص من المدينة إلى بغداد في زمن المعتصم مرارا.
ونقل عن إسماعيل بن مهران قال: لما خرج أبو جعفر (ع) من المدينة إلى بغداد في المرة الأولى جئته فقلت له: جعلت فداك إني أخاف عليك من هذا الوجه، فإلى من الامر بعدك؟ فكر بوجهه إلي ضاحكا وقال: ليس الغيبة كما ظننت في هذه السنة، فلما وصل بغداد أقام هناك ورجع، ولما أخرج (ع) في الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت: جعلت فداك أنت خارج فإلى من الامر من بعدك؟ فبكى (ع) حتى اخضلت لحيته بالدموع، ثم أشار إلي فقال: في مثل هذه السنة يخاف علي فالامر من بعدي إلى ابني علي (ع).
وفي رواية علي بن خالد كما رواه محمد بن الحسان قال: كان علي بن خالد زيديا فحكى إلي قال: كنت في العسكر فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا، وقالوا: إنه تنبأ، فقال علي بن خالد: فأتيت وداريت البوابين والحجبة حتى وصلت إليه، فإذا هو رجل ذو عقل وفهم، فقلت له: يا هذا ما قصتك وما أمرك؟ فقال: إني رجل كنت في الشام أعبد الله تعالى في الموضع الذي فيه رأس الحسين (ع)، فبينما أنا في عبادتي إذ أتاني شخص وقال لي: قم بنا، فقمت معه إذ أتى بي مسجد الكوفة، فقال لي:
تعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة، قال: فصلى وصليت معه، فبينما أنا معه وإذا نحن بمكة فلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه، فينما أنا معه وإذا أنا في الموضع الذي أ عبد الله فيه بالشام ومضى الرجل، فلما كان العام القابل أتاني وفعل بي مثل ما فعل في المرة الأولى، فلما فرغنا من مناسكنا وردنا الشام وهم بمفارقتي، قلت له: سألتك بالذي قدرك على هذا الذي رأيت إلا ما أخبرتني من أنت. قال: أنا محمد بن